responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 344

الحدّ عليه، ولكن هناك خلاف بالنسبة للعقوبة الثانية، فذهب البعض إلى أنّ الاستثناء المذكور يعود على الجملة الأخيرة فقط، وذهب بعض آخر إلى أنّه يشمل الجملة الثانية والثالثة.

وقد ذهب الأحناف، الحسن البصري، النخعي وسعيد بن جبير وسائر فقهاء التابعين إلى أنّ الاستثناء المذكور يختصّ بالجملة الأخيرة؛ وعليه فإنّ شهادته لا تقبل في المحكمة حتّى بعد توبته، أمّا الإمامية [1] وجمع من أهل السنّة (مالك، أحمد والشافعي) فذهبوا إلى أنّ هذا الاستثناء يعود على الجملتين الأخيرتين، وعليه فإنّ شهادته بعد توبته مقبولة، ويعود هذا الاختلاف إلى قاعدة أصولية تقرّر هذه المسألة: هل الاستثناء الوارد عقيب الجملات المتعدّدة يعود إلى جميعها أم يعود إلى الجملة الأخيرة؟

ذهب الشافعي ومالك إلى عودته للجميع، وذهب أغلب الإماميّة والأحناف إلى اختصاصه بالجملة الأخيرة [2].

2. الاختلاف في تقييد موصوفين بصفة واحدة

إذا وقعت صفة معيّنة بين اثنين وكان كلّ منهما له صلاحية الاتّصاف بتلك الصفة والتقييد بذلك القيد، فهل تعود تلك الصفة على كلا الإسمين فتقيّدهما، أم أنّ القدر المتيقّن أنّها تعود على الإسم الأخير منهما، فتقيّده ويبقى الاسم الأول على إطلاقه؟

والخلاف في هذه المسألة البلاغية تسبّب في الاختلاف في فتوى بعض الفقهاء بالنسبة لبعض المسائل الفقهية، مثل: «حكم الزواج من أُمّ الزوجة بعد طلاق الزوجة بدون دخول».

فأصل الحكم بحرمة هذا النكاح من أُمّ الزوجة هو ما ورد في الآية 22 من سورة النساء: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِى أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِى حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَ‌ ...».

وقد ذهب بعض القدماء مثل: ابن الزبير ومجاهد، إلى‌ أنّ صفة «اللّاتي دخلتم بهنّ» تعتبر صفة وقيداً ل «نسائكم» في قوله «أمّهات نسائكم» [3]. وتبعاً لذلك فقد أجازوا للرجل الذي طلّق زوجته قبل الدخول بها، أن يتزوج أُمّ زوجته هذه، كما أنّه نقل عن ابن مسعود أنّه يرى هذه الفتوى أيضاً [4].

وأمّا فقهاء الإماميّة [5] والمفسّرون الشيعة [6] وكذلك فقهاء المذاهب الأربعة [7] وجمهور الفقهاء [8] فيتّفقون على أنّ هذا القيد يختصّ بالاسم الثاني فقط، «رَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِى حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَائِكُمُ» والاسم الأوّل «امّهات نسائكم» يبقى على إطلاقه، فإذا عقد الرجل على امرأة عقد الزواج فإنّه لا يجوز الزواج من امّها حتّى إذا طلّق زوجته قبل الدخول بها.

واستدلّ فقهاء المذاهب الإسلامية، مضافاً للقواعد


[1]. جواهر الكلام، ج 41، ص 37؛ التفسير الأمثل، ذيل الآية 5 من‌سورة النور.

[2]. تفسير آيات الأحكام من القرآن، ج 2، ص 70.

[3]. تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج 5، ص 106.

[4]. تفسير الميزان، ج 5، ص 282.

[5]. جواهر الكلام، ج 29، ص 350.

[6]. تفسير الميزان، ج 5، ص 282.

[7]. الفقه على المذاهب الأربعة، ج 4، ص 62 والفقه على المذاهب‌الخمسة، ص 308.

[8]. تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج 5، ص 106.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست