responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 343

وهكذا بالنسبة لحرف «باء» في الآية الشريفة:

«وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ» [1].

حيث ذهب بعض فقهاء الإماميّة والشافعيّة والحنفيّة إلى أنّ حرف «باء» للتبعيض أو الإلصاق، ولذلك يكفي في الوضوء مسح مقدار من الرأس‌ [2]، ولكنّ فقهاء بعض المذاهب الأخرى كالمالكيّة والحنبليّة ذهبوا إلى أنّ حرف «باء» زائدة وبالتالي يجب مسح كلّ الرأس‌ [3].

ج) الاشتراك اللفظي في صيغة صرفية يتسبّب أحياناً في اختلاف فتاوى الفقهاء، مثل لفظ «المحيض» الذي هو اسم مصدر على وزن «مَفعِل» هو مشترك بين «محلّ الحيض» و «زمان الحيض»، وذهب جمع من الفقهاء كالإماميّة والشافعية (في قول قويّ) والثوري‌ومحمّد بن الحسن الشيباني وداود والفخر الرازي‌ [4] إلى الاحتمال الأول (أي اسم مكان) على أساس ما ورد في الآية: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ» [5]. وكذلك ما جاء في الحديث النبويّ‌ [6] بهذا الصدد، وبالتالي ذهبوا إلى جواز الاستمتاع في مدّة الحيض حتّى فيما بين السرّة والركبة من غير المقاربة الجنسية.

ولكنّ البعض الآخر من الفقهاء كمالك، أبي‌حنيفة، الأوزاعي وأحد قولي الشافعي رجّحوا الاحتمال الثاني (أي اسم للزمان) وبالتالي أفتوا بحرمة أيّ شكل من أشكال الاستمتاع بالزوجة في مدّة الحيض‌ [7].

د) اشتراك سياق الكلام بين مفاهيم متعدّدة يؤدّي أحياناً إلى اختلاف فتاوى الفقهاء، مثل:

1. الاستثناء بعد جمل متعدّدة

يقول القرآن الكريم في سورة النور: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» [8].

فيقرّر في الآية الأولى ثلاث عقوبات للقاذف حسب الترتيب:

1. 80 جلدة.

2. لا تقبل شهادته في المحكمة.

3. إنّ هذا الإنسان فاسق.

وفي صدر الآية الثانية ورد استثناء لذلك: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا».

هنا يثار هذا السؤال فيما يتّصل بهذه الآية: هل أنّ مرجع هذا الاستثناء يعود إلى العقوبة الثالثة فيكون مفاده أنّ القاذف بعد توبته لا يعتبر فاسقاً ولكن عدم قبول شهادته ولزوم إجراء الحدّ عليه باقٍ على قوّته حتّى بعد التوبة؛ أو أنّ مرجع الاستثناء يعود إلى جميع الموارد الثلاثة، أي أنّ القاذف إذا تاب من ذنبه فإنّه سترفع عنه هذه العقوبات الثلاث؟

والمسلّم لدى فقهاء المذاهب‌ [9] أنّ هذا الاستثناء لا يشمل العقوبة الأولى، أي أنّ التوبة لا تمنع من إجراء


[1]. سورة المائدة، الآية 6.

[2]. جواهر الكلام، ج 2، ص 171.

[3]. الفقه على المذاهب الأربعة، ج 1، ص 63 و 72.

[4]. التفسير الكبير للفخر الرازي، في ذيل الآية 8 من سورة البقرة.

[5]. سورة البقرة، الآية 222.

[6]. تفسير الدر المنثور، ذيل الآية الشريفة 222 من سورة البقرد: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «جامعوهنّ في البيوت واصنعوا كلّ شي‌ء إلّاالنكاح».

[7]. أثر الاختلاف في القواعد الاصولية في اختلاف الفقهاء، ص 87.

[8]. سورة النور، الآيات 4 و 5.

[9]. جواهر الكلام، ج 41، ص 428.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست