responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 313

الشريفة، ولا يحقّ له أن يكتفي في بيان الأحكام الفقهية النظرية، التي تحتاج إلى استدلال وتفصيل، بالمفهوم الظاهر من الآيات الشريفة ويرى أنّه حجّة، بل يجب على المجتهد في مثل هذه المسائل الفقهية، أن يكون فهمه لظواهر الآيات القرآنية تابعاً لبيان المعصومين وأحاديثهم ولا يرى كفاية الأخذ بظواهر الآيات القرآنية لوحدها في عملية استنباط الأحكام الشرعية.

وقد ذهب إلى هذا القول محمّد أمين الاسترآبادي (م 1306) في كتابه‌» الفوائد المدنيّة» [1] والشيخ الحرّ العاملي (م 1104) في‌ «وسائل الشيعة» [2] والشيخ يوسف البحراني في‌ «الحدائق الناضرة» [3].

ومن الطبيعيّ إذا كان المقصود من كلام هؤلاء عدم اكتفاء المجتهد في استنباط الأحكام الفقهية بالآيات الكريمة التي تبيّن الأحكام الكلّية في الشريعة، مثل:

«وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ» [4]- حيث لم تبيّن هذه الآيات شروط وأجزاء وعدد ركعات الصلاة، وكذلك موارد وجوب الزكاة ونصاب كلّ واحد منها، وكان مقصودهم من ذلك لزوم الرجوع للأحاديث النبويّة وروايات أهل البيت عليهم السلام للتعرّف على تفاصيل المسائل والفروع الفقهية وشروطها (كما مرّ في كلام‌صاحب الحدائق عند نقله لنظريةالشيخ الطوسي) [5] فهو كلام صحيح، لأنّ جميع علماء الإسلام متّفقون على أنّ الفقيه ينبغي عليه الرجوع في استنباط فروع الأحكام لكلّ واحد من هذه التكاليف الفقهية القرآنية إلى السنّة، ولا يكتفي بإطلاق ظاهر الآيات لنفي احتمال وجوب الأجزاء والشروط والأحكام الشرعية الأخرى.

لكن إذا كان مراد هذه الطائفة من الأخباريين أنّ مفاهيم ظاهر الآيات القرآنية ليست بحجّة وغير قابلة للاستناد إطلاقاً حتّى بعد الاستعانة بالأحاديث الشريفة، كما يظهر من كلمات الاسترآبادي في‌ «الفوائد المدنيّة» [6]، فهذا الكلام غير صحيح.

والظاهر أنّ مقصود الأخباريين هو الاحتمال الأوّل، حيث يتحرّك الفقهاء الأخباريون والأُصوليون في مقام العمل بتعاليم الآيات القرآنية الشريفة والمفاهيم العرفية المستوحاة من ظواهرها بالاستفادة من أصول وقواعد الاستنباط، وكذلك بالاستعانة بالأحاديث النبوية وروايات أهل البيت عليهم السلام الصحيحة في عملية استنباط الأحكام الفقهية، وبالتالي يكون اختلافهم وجدالهم في هذه المسألة خلافاً لفظياً فحسب، ولا يوجد هنا خلاف فقهيّ على مستوى الفتوى سوى في موارد معدودة.

ب) حجيّة أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم السلام‌

إنّ أحد أهمّ العوامل التي كان لها دور كبير في اختلاف الفتاوى بين فقهاء الشيعة وأهل السنّة هو اختلاف فقهاء هذين المذهبين في حجّية أحاديث أهل البيت عليهم السلام ومساحة هذه الحجّية. هناك مجموعة كبيرة من عشرات الآلاف من أحاديث الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام‌ [7] في مواضيع الفقه والعقائد والأخلاق وغير


[1]. الفوائد المدنيّة، ص 47.

[2]. وسائل‌الشيعة، ج 18، ص 129، باب 13 من أبواب صفات القاضي.

[3]. الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج 1، ص 27، (المقدمة الثالثة)؛ الدرر النجفية، ص 171.

[4]. سورة البقرة، الآية 43 و 83 و 110، و سورة النساء، الآية 77، وسورةالنور، الآية 56، وسورة المزمّل، الآية 20.

[5]. الحدائق الناضرة، ج 1، ص 34.

[6]. الفوائد المدنيّة، ص 47 و 128.

[7]. من المناسب إلفات النظر إلى عدد من الأحاديث الواردة في كتابين‌فقهيين فقط من مجموع كتب الأحاديث الفقهية لأئمّة أهل البيت عليهم السلام:

أ) وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة، تأليف الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (م 1104)، ويحتوي على 35840 حديثاً.

ب) مستدرك الوسائل، تأليف الميرزا حسين النوري (م 1320)، ويحتوي على 23129 حديثاً.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست