responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 27

والانقياد في مقابل أوامر الشارع المقدّسة.

وممّا تقدّم ذكره يتبيّن اتّساق وانسجام هذه المفردة مع كلمة «فقه»، لأنّه كما ذكر سابقاً أنّ هذه المفردة، سواءً في المفهوم القرآني أم في ثقافة الروايات أم في عرف المتشرّعة في الصدر الأول، جاءت بمعنى المعرفة العميقة بمجموعة القضايا الدينية من العقائد والأخلاق والأحكام، والفقيه القرآني وفقيه أهل البيت يتساوق مع مفهوم «العالم بالدين» و «العارف بمجموعة القضايا الدينية».

ب) «شَرْع»، «شِرْعة» و «شريعة»

«شَرْع»: إذا استعملت في معانٍ متعدّدة فتأتي بمعنى‌ وضع الشي‌ء وتقريره، مثل: «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاؤُا شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه» [1] و «شَرَعَ لَكُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى‌ ...». [2]

وأحياناً تخرج من معناها المصدري وتأتي بمعنى (الطريق والنَّهْج) [3] وقد وردت هذه الكلمة بمعنى الوضوح في قوله تعالى: «إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً» [4] بصيغة الجمع (شرّع/ الشارع) وعندما يقال للجادة «شارع» فذلك بسبب وضوح الطريق وبيانه.

وقد وردت هذه المفردة في استعمالات العرف (وعبارات من قبيل: «الشرع المقدّس») بمعنى‌ «ما شرعه اللَّه» [5] أي ما وضعه وقرره اللَّه تعالى أو بيّنه للناس من العقائد والأخلاق والأحكام.

«شريعة»: في اللغة بمعنى «العتبة»، وبذلك تطلق على مكان شرب الماء من الشاطى‌ء كما يقول اللغويون‌

«مورد الماء الّذي يستقى‌ منه بلا رِشاء» [6]

وتطلق أيضاً على مجموعة القضايا والمسائل الدينية من العقائد والأخلاق والأحكام أيضاً، وذلك بسبب أنّ هذه الأمور تبعث على حياة وطهارة الأشخاص الذين يسلكون هذا الطريق ويعملون بهذه الشريعة [7]، والمراد من «شريعة» في الآية 18 من سورة الجاثية هذا المعنى أيضاً حيث تقول الآية: «ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى‌ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ» [8]. وبالطبع فإنّ هذه الكلمة يراد بها في اصطلاح الفقهاء والكتب الفقهية وعناوين مثل «شرائع‌الأحكام» خصوص الأحكام الفرعية العملية، وفي هذه الصورة تقريباً تكون هذه الكلمة مرادفة تماماً للمعنى الاصطلاحي لكلمة «فقه».

«شِرْعة»: وردت أيضاً في اللغة بمعنى الطريق المستقيم‌ [9]. وبما أنّها على وزن «فِعْلة» فإنّه يراد منها نوع خاصّ من الطريق المستقيم‌ [10]. وعلى هذا الأساس ورد التعبير القرآن الكريم عن الطرق والمذاهب المختلفة التي تشترك فيما بينها ببعض العقائد والأصول والقوانين ب «شِرعة»: «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً» [11]، ومن الواضح أنّ «ما به الامتياز» في الشرائع السماوية هو الأمور الفرعية العملية، ومن هذه النقطة بالذات يمكن استنتاج أنّ المراد من «شِرعة»، خصوص الأحكام والفروع العملية، وبالتالي فهي أخصّ دائرة من المصطلحين السابقين «شريعة» و «دين».


[1]. سورة الشورى، الآية 21.

[2]. سورة الشورى، الآية 13.

[3]. مفردات الراغب، مادّة «شرع».

[4]. سورة الأعراف، الآية 163.

[5]. المعجم الوسيط، مادّة «شرع».

[6]. المصدر السابق.

[7]. مفردات الراغب، مادّة «شرع».

[8]. انظر: تفسير الميزان؛ تفسير ابن عاشور؛ التفسير المنير، ذيل‌الآية 18 سورة الجاثية.

[9]. المعجم الوسيط، مادّة «شرع».

[10]. التحقيق في كلمات القرآن الكريم، مادّة «شرع».

[11]. سورة المائدة، الآية 48.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست