responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 26

بسبب أنّه يظنّ أنّ مفهوم النصّ منحصر بزمان معيّن أو موارد خاصّة، في حين أنّ النصّ مطلق، وعليه فإنّ العبارة المذكورة بأنّ الاجتهاد في مقابل النصّ يقع تحت عنوان «ما ليس فقهاً» غير سديد، بل هو إظهار نظر فقهي، ولكنّ القائل به قد أهمل إعمال الموازين الفقهية وأصدر حكمه تبعاً لظنّه.

ولا شكّ في أنّ الاجتهاد في مقابل النصّ عمل غير صحيح ومجانب للصواب ويجب التحرّك في عملية استنباط الأحكام من خلال الالتزام بالضوابط الفقهية والأصول المعروفة في الفقه، فإذا فتح هذا الباب وكان لكلّ شخص أن يتّخذ موقفاً بوحي من أهوائه وميوله في مقابل النصوص والأدلّة الشرعية، فلا تنقضي مدّة حتى لا يبقى شي‌ء من معالم الفقه الإسلامي الأصيل.

المصطلحات المتعلّقة بالموضوع:

أ) «دين»

إنّ مفردة «دين» وردت في اللغة، وفي الأصل بمعنى الطاعة والانقياد والخضوع في مقابل الأوامر والمقرّرات المعيّنة [1]، وكذلك وردت بمعنى الجزاء والثواب‌ [2]، ذلك من باب أنّ الجزاء والثواب من لوازم الطاعة والانقياد [3].

ويبدو أنّ الآيات الشريفة نظير: «وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للَّهِ» [4] و «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» [5] و «حَتَّى‌ لَاتَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ‌ الدِّينُ كُلُّهُ للَّهِ» [6] ناظرة إلى المعنى الأول للدين. كما أنّ مشتقّات هذه المفردة من قبيل «متديّن» يراد بها هذا المعنى أيضاً، لأنّها تصدق على من يتعامل مع الأوامر الإلهيّة من موقع الطاعة والانقياد. أمّا المعنى الثاني فقد ورد كذلك في آيات من قبيل: «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» [7].

أمّا في اصطلاح القرآن وفي مفهوم المتشرّعة وعرف العقلاء أيضاً فإنّ المراد من «الدين» عبارة عن منظومة قضايا دينية أعمّ من العقائد والأخلاق والأحكام، ومن هذا القبيل قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى‌ وَدِينِ الْحَقِّ» [8] وقوله: «لَايَدِينُونَ دِينَ‌ الْحَقِّ ...» [9] وكذلك قوله: «شَرَعَ لَكُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى‌ بِهِ‌ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ» [10] وذلك بقرينة ما ذكر في ذيل هذه الآية: «كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ» الناظرة إلى مسألة التوحيد. وبالرغم من أنّ البعض ظنّ المراد من الدين في هذه الآية والآية الثانية هو خصوص القوانين والمقرّرات‌ [11]، لكنّ أغلب المفسّرين ذهبوا إلى عمومية وشمولية هذه المفردة في كلا هاتين الآيتين‌ [12].

وهكذا ما نراه في الاستعمالات السائدة بين المتشرّعة والعرف والعقلاء هي من هذا القبيل، كقولهم «دين الإسلام» أو «دين اليهود» أو «دين النصارى».

وبالطبع فإنّ هذا المعنى يرتبط كذلك بالمعنى اللغوي أيضاً (الطاعة والخضوع) لأنّ قبول مجموعة العقائد والأخلاق والأحكام الدينية يفضي بدوره إلى تجسيد هذه المفاهيم على مستوى العمل والطاعة


[1]. مفردات الراغب والتحقيق في كلمات القرآن الكريم، مادّة «دين».

[2]. المصدر السابق.

[3]. تفسير المنار، ج 3، ص 257.

[4]. سورة النساء، الآية 146.

[5]. سورة البيّنة، الآية 5.

[6]. سورة الأنفال، الآية 39.

[7]. سورة الحمد، الآية 4.

[8]. سورة التوبة، الآية 33.

[9]. سورة التوبة، الآية 29.

[10]. سورة الشورى، الآية 13.

[11]. الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة، ج 1، ص 16.

[12]. تفسير المراغي، ج 25، ص 23 و ج 10، ص 92؛ تفسير ابن عاشور، ج 25، ص 118؛ التفسير المنير، ج 10، ص 174 و ج 25، ص 38.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست