responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 179

وتقييد القرآن بخبر الواحد أنّه:

في بعض الآيات ورد أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله مبيّن للقرآن، حيث تقول الآية:

«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ...» [1].

فهذه الآية تدلّ على حجّية كلام النبيّ صلى الله عليه و آله فيما يتّصل بتبيين الآيات القرآنية، سواء كان بصورة خبر متواتر أو خبر واحد، ولا يختصّ تبيين النبيّ صلى الله عليه و آله في دائرة متشابهات القرآن، بل إذا كان التبيين (بصورة تخصيص وتقييد) بالنسبة لظواهر القرآن فهو حجّة أيضاً. فالتخصيص والتقييد يعدّان نوعاً من البيان. وبيان أهل البيت عليهم السلام أيضاً ملحق ببيان النبيّ صلى الله عليه و آله وهو حجّة أيضاً. والدليل على هذا الإلحاق هو ما ورد في حديث الثقلين وسائر الأدلّة حيث أنّ أهل البيت عليهم السلام صرّحوا بأنّ ما نقوله هو ما وصل إلينا من النبيّ صلى الله عليه و آله‌ [2]. وقد قامت سيرة أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله والمسلمين على أنّهم يأخذون جزئيات وتفاصيل أخبار الآحاد من الثقات الذين يروونه عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله.

وهنا يثار سؤالان:

1. إنّ القرآن يعتبر حجّة قطعيّة وصادر من اللَّه تعالى بلا شك، وأمّا خبر الواحد فليس بحجّة قطعية، ولا يجوز عقلًا ترك الدليل القطعيّ بسبب وجود دليل غير قطعيّ، وعليه فلا يصحّ ترك عمومات ومطلقات القرآن بسبب خبر الواحد.

الجواب: إنّ القرآن قطعيّ الصدور، ولكن من حيث الدلالة فإنّ عموماته وإطلاقاته غير قطعيّة، وهي حجّة من باب حجّية الظواهر، والظواهر إنّما تكون حجّة في ما إذا لم تقم قرينة على خلافها.

2. تقدّم سابقاً أنّ روايات (عرض الحديث على الكتاب) تقتضي ردّ ما كان مخالفاً للقرآن من هذه الروايات، فإذا كان خبر الواحد مخصّصاً للعامّ القرآنيّ فإنّه يعدّ مخالفاً للقرآن، ويجب طرحه واجتنابه!

الجواب: إنّ عرف العقلاء لا يرى أنّ الدليل الخاصّ مخالف ومعارض للعامّ، بل هو مبيّن له ويعدّ قرينة على المراد منه، ولذلك ففي كلّ مورد تكون النسبة بين الدليلين العموم والخصوص، فإنّ قواعد باب التعارض لا تجري هنا، لأنّ هذين الدليلين لا يعدّان متعارضين.

ج) الإجماع‌

الدليل الثالث في عملية استنباط الأحكام، الإجماع.

وهذا الدليل يعتبر دليلًا مهمّاً جدّاً في نظر أهل السنّة ويرون مشروعيّة الخلافة منوطة بمشروعية الإجماع (رغم وجود كلام كثير في وجود الإجماع في هذه المسألة). وقد سبق في بحث منابع الاستنباط أنّه نقل عن ابن تيمية أنّه يرى أنّ الإجماع يغني المجتهد عن جميع الأدلّة الأخرى حتّى الكتاب والسنّة، حيث يجب القول في صورة التعارض مع الإجماع بنسخهما أو تأويلهما. ويقول: وبسبب أهميّة الإجماع لدى أهل السنّة، قيل عنهم «أهل السنّة والجماعة» [3]. وأمّا فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام فلهم رأي آخر في الإجماع، وبدايةً نستعرض نظر أهل السنّة في هذه المسألة وأدلتهم بشكل موجز، ثمّ نستعرض نظر فقهاء مدرسة أهل‌البيت عليهم السلام في هذه المسألة.


[1]. سورة النحل، الآية 44.

[2]. الكافي، ج 1، ص 53.

[3]. مجموعة فتاوى‌ ابن تيميّة، ج 3، ص 346.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست