النهي عن المنكر وإرشاد الجاهل غير واجب في جميع الموارد، من قبيل ما إذا قام
أحد بارتكاب المنكر ونهاه أحد الأشخاص ولم يؤثر نهيه واعتراضه عليه، فإنّ ذلك يسقط
النهي عن المنكر من جديد. والجواب: إنّ هذا الفرض خارج عن محلّ الكلام، لأنّ محلّ
الكلام إنّما هو الموارد التي تتوفّر فيها شروط وجوب النهي عن المنكر وتعليم
الجاهل.
سنّة الصحابة:
إنّ جمهور أهل السنّة يعتقدون بحجّيّة سنّة الصحابة بدل سنّة أهل البيت عليهم
السلام [1] لجبران
الفراغ الموجود في الأدلّة الشرعية. ويعتقد هؤلاء أنّ الصحابي هو الشخص الذي أدرك
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في زمان حياته وكان هذا الشخص مسلماً وفارق
الدنيا وهو مسلم [2]، ويتّفق
أهل السنّة على أنّ كلّ من صحّ إطلاق إسم الصحابي عليه فهو عادل [3]، في حين أنّ
أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يعتقدون بأنّ صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه
و آله وإن امتازوا بشرف صحبة النبيّ، وكان من بينهم شخصيّات جليلة وكبيرة، ولكنّهم
من حيث العدالة كسائر الأشخاص، ففيهم العادل وغير العادل (بشهادة القرآن والحديث
والتاريخ).
ويستدلّ أهل السنّة على عدالة جميع الصحابة بعدّة أدلّة، منها الآية الشريفة: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ»[4] والآية: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»[5] والآية «لَّقَدْ
رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ»[6].
في حين أنّ الآية الأُولى والثانية ترتبط بجميع الأمّة، والآية الثالثة تختصّ
بالأشخاص الذين شاركوا في بيعة الرضوان ولا تشمل جميع الصحابة، مضافاً إلى أنّ رضا
اللَّه تعالى عنهم بسبب بيعة الرضوان لا يدلّ على رضاه عن جميع أفعالهم وأعمالهم.
إنّ علماء هذه الطائفة يتمسّكون أيضاً بأحاديث متعدّدة، وأهمّها الحديث
المعروف:
وهذا الحديث ينسجم ويتناسب مع حديث الثقلين المتواتر.
مضافاً إلى ذلك، فإنّ القرآن الكريم قد ذمّ جماعة من الصحابة الذين تركوا
ميدان القتال أو تخلّفوا عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أو اعترضوا عليه، وقد
صرّح في بعض الآيات بكونهم فاسقين، ففي الآية يقول: «وَمِنْهُمْ مَّنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ
أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ»[10] ويقول في مكان
آخر: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ
فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»[11].
وأغلب المفسّرين من أهل السنّة ذكروا أنّ هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة
وهو من الصحابة. ويقول ابن