responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 142

1. تدوين المذاهب‌

عندما برزت ظاهرة تدوين المذاهب بشكل واسع في البلاد الإسلامية زاد احتمال بقاء هذه المذاهب، لأنّ الفقه المدوّن أدّى إلى سهولة تحصيل الناس على آراء المجتهدين والعمل بها. وبما أنّ المذاهب الفقهية للأئمّة الأربعة لأهل السنّة دونّت ونشرت في مختلف المناطق والبلاد الإسلامية قبل ذلك، فإن ذلك كان سبباً لامتدادها في أجواء المجتمع الإسلامي وبقائها، وهذا السبب هو الذي أدّى إلى رجوع الناس لهذه الأحكام الشرعية المدوّنة وترسيخها في الوسط الديني.

يقول الشافعي: «كان الليث (م 175) أفقه من مالك إلّا أنّ أصحابه لم يقوموا به، ومعنى عدم قيامهم به أنّه لم يعنوا بتدوين آرائه وبثّها في الجمهور كما قاموا هم بتدوين آراء مالك» [1].

2. الأتباع المتعصّبين‌

إنّ وجود أتباع وتلاميذ متعصّبين لهذه المذاهب الأربعة، ودفاعهم المستميت عن أئمّة مذاهبهم أدّى إلى إلتفات الناس إلى هذه المذاهب بصورة أكبر [2].

3. دور السلطة

في العصور الأولى من التاريخ الإسلامي كان الخلفاء والحكّام يرجعون في القضاء وإصدار الأحكام إلى المجتهدين وأصحاب الرأي والفتوى، فقد كانت فتاوى هؤلاء العلماء، الذين يستنبطون الأحكام من الكتاب والسنّة، مورد اعتماد الناس، وبذلك كانت فتاواهم تنال شهرة في المدن الإسلامية، وفي العصور اللاحقة كان الخلفاء والحكّام يهتمّون بالفقهاء الذين يقرّرون آراء أصحاب المذاهب السابقة ويتحرّكون على مستوى بيانها والعمل بها، ومن هنا تحرّك العلماء بدورهم للتدقيق والاهتمام بآراء الأئمّة الأربعة وبيانها للناس من أجل التقرّب إلى البلاط والحصول على مناصب رسميّة.

وعلى هذا الأساس فإنّ هؤلاء الفقهاء يميلون لمطالعة ودراسة المذهب الفقهيّ الذي يختاره الخليفة في ذلك الوقت (وهذا الأمر أدّى إلى الاعتراف الرسمي بهذه المذاهب ورجوع الجميع إليها) [3].

وعلى أيّة حال، فالظاهر أنّ أهم عامل مؤثّر في إيصاد باب الاجتهاد، هو ظاهرة الفوضى الفقهية وكثرة المذاهب الفقهية، وأمّا سبب انحصار المذاهب في هذه المذاهب الأربعة فله علل سياسية واجتماعية، وكثرة أتباع هذه المذاهب، وعليه فبعد ثلاثة قرون من ظهور الإسلام وتطوّر حركة الاجتهاد، تمّ غلق باب الاجتهاد واستمرّ ذلك لقرون طويلة وصار جميع الفقهاء مقلِّدين لهؤلاء الأئمة الأربعة للمذاهب الفقهية المعروفة (من أجل الاطّلاع أكثر راجع بحث «انفتاح باب الاجتهاد» في هذا الكتاب وممهّدات وعلل انسداد باب الاجتهاد).

الفقهاء البارزون في المرحلة الثالثة:

بالرغم من أنّ علماء وفقهاء هذا العصر كانوا يتحرّكون في إطار المذاهب الأربعة فحسب، ولكن على أيّة حال فقد شهد هذا العصر فقهاء بارزين في إطار هذه المذاهب، ونستعرض هنا بعضهم:


[1]. تاريخ الفقه الإسلامي، ص 96؛ الاعلام للزركلي، ج 5، ص 248.

[2]. تاريخ الفقه الإسلامي، ص 96.

[3]. انظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى أحمد الزرقاء، ج 1، ص 177-/ 179؛ تاريخ الفقه الإسلامي لأبوالعينين، ص 96.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست