responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 141

المرحلة الثالثة: عصر توقف حركة الإجتهاد

(أو عصر تقليد المذاهب الأربعة)

ويبدأ هذا العصر من تاريخ الفقه لدى أهل السنّة من بداية القرن الرابع وحتّى أواسط القرن السابع حيث استمرّ إلى سقوط دولة بني العباس، فقد كان العلماء والناس جميعاً مقلِّدين لأئمّة المذاهب الأربعة المعروفة.

وفي هذه الأجواء فإنّ الوحيد الذي عمل بالاجتهاد هو محمّد بن جرير الطبرى‌ (م 310)، بمعنى أنّ جميع العلماء كانوا يسعون في حركتهم العلمية والفقهية لفهم كلام أئمّة المذاهب لا غير، ومن هنا فقد لبست كلمات الأئمّة الأربعة ثوب القداسة وكان يتعامل معها كأنّها وحي منزل، وكان علماء الدين لا يتحركون من موقع الاجتهاد إلّافي إطار هذه المذاهب.

يقول الاستاذ «خضري بك‌» في هذا الصدد:

«أمّا في هذا الدور، فإنّ روح التقليد سرت سرياناً عاماً، واشترك فيها العلماء وغيرهم من الجمهور، فبعد أن كان مريد الفقه يشتغل أولًا بدراسة الكتاب ورواية السنّة اللذين هما: أساس الاستنباط، صار في هذا الدور يتلقّى كتب إمام معيّن ويدرس طريقته التي استنبط بها ما دوّنه من الأحكام.

فإذا أتمّ ذلك، صار من العلماء الفقهاء، ومنهم من تعلو به همّته، فيؤلّف كتاباً في أحكام إمامه إمّا اختصاراً لمؤلّف سبق، أو شرحاً له، أو جمعاً لما تفرّق في كتب شتى، ولا يستجيز الواحد لنفسه أن يقول في مسألة من المسائل قولًا يخالف ما أفتى به إمامه، كأنّ الحقّ كلّه نزل على لسان إمامه وقلبه، حتّى قال طليعة فقهاء الحنفية في هذا الدور، وإمامهم من غير منازع، وهو أبوالحسن عبيداللَّه الكرخيّ: كلّ آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤوّلة أو منسوخة، وكلّ حديث كذلك، فهو مؤوّل أو منسوخ»!! [1]

علل انسداد باب الاجتهاد وانحصار المذاهب:

إنّ كثرة المذاهب الفقهية أفضى إلى حدوث نوع من الفوضى والخوف لدى الحكّام، ومن هنا عزموا على غلق باب الاجتهاد أوّلًا، ثمّ حصر المذاهب في إطار المذاهب الأربعة.

إنّ أهم سبب وأعمقه لانسداد باب الاجتهاد هو تأثير الفوضى الفقهية وكثرة المذاهب كما تقدّم، فإنّ عدد المذاهب وصل إلى 138، وهذه المسألة أثارت عنصر الخوف والقلق بين الحكّام والقادة، ففكّروا بإيصاد باب الاجتهاد وحصر المذاهب الفقهية، ولذلك صدر الأمر بأنّ كلّ فقيه ليس له الحقّ من الآن فصاعداً بالاجتهاد في مسائل الفقه، ويجب على الجميع تقليد واتّباع الفقهاء المعروفين.

وفي هذه الأجواء صدر الأمر للفقهاء وسائر أفراد الناس أن يتّبعوا في مسائلهم وأحكامهم الشرعية أحد المذاهب الأربعة: الحنفي، الحنبلي، الشافعي والمالكي، رغم أنّهم لم يكونوا راضين عن هذا العمل وكانوا يعتقدون أنّ للآخرين الحقّ في الاجتهاد أيضاً وعدم التقليد [2]. وقد ذكروا في سبب حصر المذاهب بالمذاهب الأربعة المعروفة ما يلي:


[1]. تاريخ التشريع الإسلامي للشيخ محمّد الخضري بك، ص 199 و 200.

[2]. المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي، ص 207- 209.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست