الأمر وحين الإمتثال كان للمولى أن يأمره، ولذلك قيل: إنّ القدرة شرط للإمتثال
لا التكليف.
هذا بناءً على شرطية قصد الأمر في عبادية العبادة، وأمّا بناءً على ما سيأتي
في مبحث التعبّدي والتوصّلي من أنّها ليست منوطة بقصد الأمر فالأمر أوضح.
4. الأصلي والتبعي
إنّ الأصالة والتبعيّة تارةً تلحظان بالنسبة إلى مقام الدلالة والإثبات كما
لاحظهما المحقّق القمّي وصاحب الفصول، فعرّفهما المحقّق القمّي بأنّ الواجب الأصلي
ما يكون مقصوداً بالإفادة من الكلام، والواجب التبعي ما لا يكون مقصوداً بالإفادة
من الكلام، وإن استفيد تبعاً، كدلالة الآيتين على أقلّ الحمل [1].
وعرّفهما المحقّق صاحب الفصول بأنّ الأصلي ما فهم وجوبه بخطاب مستقلّ، أي غير
لازم لخطاب آخر وإن كان وجوبه تابعاً لوجوب غيره، والتبعي بخلافه، وهو ما فهم
وجوبه تبعاً لخطاب آخر وإن كان وجوبه مستقلًاّ كما في المفاهيم، فالمناط في
الأصالة والتبعية هو الاستقلال بالخطاب وعدمه [2].
واخرى: بلحاظ مقام الثبوت كما في تقريرات شيخنا
الأعظم رحمه الله [3] فالأصلي
حينئذٍ عبارة عمّا تعلّقت به إرادة مستقلّة من جهة الالتفات إليه بما هو عليه من
المصلحة، والتبعي عبارة عمّا لم تتعلّق به إرادة مستقلّة لعدم الالتفات إليه بما
يوجب إرادته كذلك، وإن تعلّقت به إرادة إجمالية تبعاً لإرادة غيره كما في الواجبات
الغيريّة الترشّحية.
[1]. قوانين الاصول، ج 1، ص 99 و 102.
والمراد من الآيتين قوله تعالى في سورة الأحقاف، الآية 15، «وَحَملُهُ وَفِصالُهُ
ثَلاثُونَ شَهرَاً» وقوله تعالى في سورة البقرة، الآية 233: «وَالوالِداتُ
يُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَولَينِ كامِلَينِ لِمَن أرادَ أن يُتِمَّ الرَضاعَة»