اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 468
و المنافقين خارج عن بحث القضاء، و لا يمكن أن يقاس أحدهما بالآخر.
و ثالثا لو سلّمنا فلعلّ عدم حجّية العلم في هذه الموارد لما فيه من الحرج
الشديد و العسر الأكيد، فلم يره الشارع المقدّس حجّة و لا يوجب ذلك التعدّى إلى
جميع موارد و أقسام علم القاضى.
و بالجملة المسألة أوضح من أن يستدلّ لها بهذه الامور.
فظهر من جميع ما ذكرنا بعون اللّه تعالى و تأييده أنّ الحقّ في المسألة
التفصيل بين أقسام العلم و أنّ علم القاضى حجّة في بعض الموارد دون بعض، فهو حجّة
في خصوص ما يكون مستندا إلى الحسّ أو ما يقرب منه، دون ما إذا حصل من اسباب حدسية.
و قد عثرت في ختام هذا البحث على كلام للفقيه الماهر صاحب الجواهر- قدس سره-
كأنّه يشير إشارة لطيفة وجيزة إلى التفصيل الذى اخترناه في المسألة، قال: ثمّ إن
الظاهر إرادة الاعم من اليقين و الاعتقاد القاطع و لو من تكثير امارت من العلم،
لكون الجميع من الحكم بالحقّ و العدل و القسط عنده و لغير ذلك ممّا سمعته من أدلّة
المسألة. و إن كان هذه الفرد من العلم ممّا يمكن فيه البحث نحو ما ذكروه في الشاهد
و ليت المانع اقتصر عليه. [1]
و مراده من الاعتقاد القاطع هو ما دون اليقين الحسىّ من العلم النظرى الحاصل
من تراكم الظنون و شبهها المنتهى إلى العلم، و هو الذى اخترنا عدم الدليل على
حجّيته، و إنّ ما أفاده غير كاف لإثباته.
و قوله: «ليت المانع اقتصر عليه» إشارة إلى أنّه لو كان المانع عن حجّية علم
القاضى يقتصر على نفى حجّية العلم الحاصل من المبادئ النظرية الحدسيّة لكان لقوله
وجه يعتدّ به، و لكنّه أنكر حجّية جميع أنحائه فوقع في الخطاء، و كلامه موافق
إجمالا لما اخترناه في المقام.