responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 467

و الثانى مبنيّ على كون موضوع الحكم خصوص من أظهر الكفر، و هو مخالف لظاهر الاطلاقات الدالّة على إناطة الحكم بالكفر و الايمان الواقعيين، الظاهرة في عدم دخالة العلم و الجهل و الظهور و التبطن فيها، فتأمّل.

و الأولى في الجواب أن يقال:

أوّلا هذا مبنى على كون العلم الحاصل من منابع الغيب ملاكا للأحكام، و هو غير ثابت بل الثابت خلافه. فلو علم الانسان من الطرق العادية بأنّ هذا الرجل كافر أو فاسق أو هذا الطعام حرام أو نجس، يجري عليه احكامه. أمّا لو حصل هذا العلم له من منابع الغيب فلا يجري عليه احكامه.

و بعبارة اخرى مدار التكليف أنّما هو على العلم الحاصل من الاسباب العادية، لا من طريق علم الغيب بتعليم إلهىّ و شبهه. فلو علم النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أو الامام عليه السّلام من هذا الطريق بكفر أبى سفيان مثلا أو فسق فلان، أو قتل فلان بيد فلان لا يترتّب عليه أحكامه، و إلّا لم يستقر حجر على حجر؛ لعلمهم بجملة من الغيوب لو لم نقل بكلّها- بإذن اللّه تبارك و تعالى.

و بهذا نجيب عن الاشكال المعروف بأنّ عليّا عليه السّلام كان يعلم أنّه لو ذهب إلى المسجد لضربه ابن ملجم، أو أنّ الحسن عليه السّلام كان يعلم أنّ ماء الكوز مخلوط بالسمّ، إلى غير ذلك من أشباهه- مع ما ورد في الأخبار عن علمهم عليهم السّلام بكثير من قبيل هذه الأمور. [1]

فنقول: حرمة إلقاء النفس في التهلكة انّما هى فيما علم من الطرق العادية، أمّا إذا علم من طريق علم الغيب فهو خارج عن مدار التكاليف.

و ثانيا لو سلّمنا فلا دخل لذلك بمسألة علم القاضى لأنّ العلم بأحوال الكفار


[1]- أضف إلى ذلك أنّ مسألة علم الامام الحسين الشهيد (ع) بكثير من قضايا كربلا أو جميعها مسألة أخرى؛ لأنّه لو كان يعلم من الطرق العادية أيضا ذلك، وجب عليه الذهاب إليه و تفدية نفسه الشريفة لما هو أهمّ كحفظ الإسلام و نجاته من أيدي بني أميّة، كما في سائر موارد الجهاد الواجبة.

اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 467
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست