اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 466
و فيه مع الاشكال في سنده بالإرسال، أنّه ظاهر في نفى القسم الثالث من العلم،
و هو الحاصل من المبادئ الحدسيّة التى تختلف فيها الآراء و الأنظار، فانّه هو الذى
يوجب الاتّهام. و أمّا في موارد الحسّ أو ما يقرب منه فهو قليل جدّا و بعيد عن
الاتّهام.
و في ختام هذا البحث، نذكر استدلال بعضهم بكلام ابن الجنيد و حاصله على ما
حكاه السيّد في الانتصار:
وجدت اللّه قد أوجب للمؤمنين فيما بينهم حقوقا أبطلها فيما بينهم و بين
الكفّار و المرتدّين كالمواريث و المناكحة و أكل الذبائح و وجدنا قد اطّلع رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على من كان يبطن الكفر و يظهر الإسلام فكان يعلمهم و
لم يبيّن أحوالهم لجميع المؤمنين فيمتنعون عن مناكحتهم و أكل ذبائحهم. [1]
فهذا دليل على عدم حجيّة علم القاضى.
و أجاب عنه السيّد المرتضى في الانتصار بعد نقل مقالته بما حاصله:
إنّا لا نسلّم أنّ اللّه تعالى اطّلع نبيّه على أحوال الكفّار و المنافقين و
ان استدلّ بقوله تعالى: «وَ لَوْ نَشاءُ
لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ ...». [2]
فالجواب عنه أنّه إنّما يدلّ على قدرة اللّه تعالى على ذلك لا على وقوعه! ثم
أجاب ثانيا بأنّه:
لا مانع من أن يكون حكم تحريم المناكحة و الموارثة و شبهها مقصورا على من أظهر
كفره دون من أبطنه.
اقول: أمّا الاوّل فهو مبنىّ على كون علم النّبيّ و الأوصياء- عليهم السلام-
بخفايا الامور من قبيل العلم الإرادي (فلو شاءوا علموا) لا أنّه من قبيل العلم
الفعلي، و في هذا كلام في محلّه، ليس هنا موقع بحثه.