قد ذكرنا في
أبواب الطهارة و النجاسة أنّ غليان العصير كأنّه لفظ مشترك مستعمل في معنيين
مختلفين جدّا:
1- الغليان
بنفسه، و هو النشيش الذي يكون مقدّمة للتخمير و الإسكار.
2- الغليان
الحاصل بالنار الذي ليس كذلك، و ما أبعد بين النوعين من الغليان من حيث الواقع و
الأثر.
و بالتعبير
العصري أنّ الأوّل من قبيل التغييرات الكيمياوية، و الثاني من قبيل التغييرات
الفيزيائية، ففي الأوّل تتبدّل ماهية العصير بشيء آخر، و في الثاني لا يتغيّر
إلّا ظاهره، بل قد لا يتغيّر ظاهره أيضا، فقد قال أهل الفنّ إنّ المواد الحلوة
تنجذب بالمواد المخمّرية، و هي خليات حيّة، فتوجب التحليل فيها، فتنقلب إلى المواد
الكحولية، و غاز الكربن، و هذا الغاز هو الذي يوجب النشيش، و هو المسمّى بغليان
الخمر، و في هذا الحال يتغيّر طعمه، و كما ورد في كلماتهم في الباب «يشتدّ» و كذا
تتغيّر رائحته، و هذا يوجب حرمته و نجاسته، لأنّه مسكر مائع.
و في روايات
الباب 3 من الأشربة المحرّمة تجد شاهد صدق لنجاسة الخمر و كما هو المشهور و
المعروف، و إليك شطر من هذه الروايات:
1- ما رواه
محمّد بن عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لا بأس بشرب العصير ستّة
أيّام». قال ابن أبي عمير معناه ما لم يغل [1].
2- ما رواه
حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن شرب العصير قال:
«تشرب ما لم يغل فإذا غلا فلا تشربه» قلت: أي
شيء الغليان؟ قال: «القلب» [2].
3- و ما رواه
ذريح قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «إذا نشّ العصير أو غلا حرم»
[3].
و قد ثبت
عندهم أنّ المواد الحلوة لا تنقلب بالكحول إلّا إذا كان فيه كمية وافرة من
[1]. وسائل الشيعة، ج 17، ص 229، الباب 3، من
أبواب الأشربة المحرّمة، ح 2، (و في هامشه: يعني بنفسه لا بالنار بقرينة ذكر ستّة
أيّام).