و أمّا الثالث فالكلام في محلّه في بحث إحياء الموات.
و أمّا الثاني، و هو المهمّ في المقام، فقد يقال بعدم خروجها عن الأراضي
الخراجية بطر و الخراب عليها، فهي باقية على ملك المسلمين، بل قد يقال بعدم الخلاف
فيها، و يستدلّ عليه تارة باستصحاب ملكيته السابقة، و اخرى باختصاص أدلّة الموات
بما لم يجر عليه ملك مسلم، بل كانت مواتا دائما.
و اختار بعض آخر (كبعض أعلام العصر في مصباح الفقاهة) دخولها في حكم الموات
تمسكا بإطلاق أدلّتها [1].
و إن شئت قلت: موضوع الملكية المستفادة من قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
من أحيا أرضا ميتة فهي له، هو الإحياء حدوثا و بقاء، فإذا زالت الحياة زالت
الملكية، و معه لا يجوز التمسّك باستصحاب حكم المخصّص، لوجود العموم أوّلا، و
تبدّل الموضوع ثانيا.
و لازم ذلك خروج ما كان ملكا لأشخاص بعد طرو الخراب عليها مطلقا.
هذا و لكن لا يبعد الذهاب إلى كلام المشهور، نظرا إلى انصراف روايات الباب إلى
ما لم تجر عليه يد إنسان، فراجع (4/ 1) من أبواب الأنفال [2] و (8/ 1) و (10/ 1) و لا سيّما التقييد الوارد
في بعضها من قوله «كلّ أرض ميتة لا ربّ لها» و كذا قوله: هي القرى التي قد خربت و
انجلى أهلها، فانّه لو كان مجرّد الخراب كافيا، كان التقييد ب «انجلاء أهلها»
الدالّ على الأعراض الكامل ممّا لا وجه له.
و هكذا التعبير بقوله «باد أهلها» فانّ هلاكهم دليل على أنّه على فرض وجودهم
لا تلحق بالأنفال و كذا غيرها، و لذا قال في الشرائع «و كلّ أرض جرى عليها ملك
المسلم فهي له أو لورثته بعده».
و قال في المسالك في شرحه: «و ان خربت فان كان انتقالها بالقهر كالمفتوحة عنوة
بالنسبة إلى المسلمين أو بالشراء و العطية و نحوها لم يزل ملكه عنها أيضا إجماعا
على ما نقله في التذكرة عن جميع أهل العلم».