ولكن يمكن القول مع ذلك بأنّ الإبلاغ يمكن أن يتحقق بأحد صورتين :
1 ـ أن يبلغ الشيخ المفيد من يسكن إليه ويأمره بالإخفاء فأخفى ولم يظهر .
2 ـ أن يخبر الشيخ المفيد بما ورد في الكتابين من وصايا وتعليمات من دون تعرّض للحوادث والأخبار الواردة فيهما لكي لا يستدعي السؤال والاستفسار .
والصورة الاُولى أقرب إلى الواقع .
بيئـته :
في قرية تسمى « سويقة البصري » من قرى بلدة « عكبرا » التي تبعد عن بغداد إلى ناحية الدجيل بعشرة فراسخ (66)كانت ولادة الشيخ المفيد ، حيث رأى النور في هذه القرية واحتضنته بضع سنين ليغادرها بعد ذلك برفقة أبيه إلى بغداد .
ترعرع الشيخ المفيد في ظل اُسرة متعلِّمة وفاضلة في كنف والده الذي لا نعرف من أخباره سوى أنّه كان معلما في مدينة « واسط » ـ ولذا عُرف المفيد بابن المعلم ـ وأنّه ولد بواسط وقتل في « عكبرا » (67).
وما أن تجاوز المفيد سني الطفولة واتقن مبادئ القراءة والكتابة ـ التي قد تكون تمّت بإشراف أبيه ـ حتى انحدر به والده وهو صبي إلى بغداد حاضرة العلم ومهوى أفئدة المتعلمين ، ليبدأ رحلته في العلم وليجد مكانته المناسبة فيها (68).
درس الشيخ المفيد في مقتبل أمره على كبار علماء البيئة البغدادية من أضراب : أبي عبد اللّه الحسين بن علي البصري المعروف بـ « الجُعَل »
(66)معجم البلدان 4 : 142. (67)لسان الميزان 5 : 416. (68)انظر : أعيان الشيعة 9 : 420.