المرتضى والشيخ الطوسي والنجاشي والكراجكي والجعفري وغيرهم ـ إلى وجود هذه التوقيعات ، مع أنّه لو كانوا مطلعين عليها ـ وهو من الاُمور التي يطلع عليها عادة وتنقل ـ لنقلوه وسطروه في كتبهم سيّما الشيخ الطوسي الذي صنّف في الغيبة وتعرّض للتوقيعات الصادرة عن الإمام (عليه السلام) في كتابه الغيبة .
وقد يقال دفاعا وتوضيحا لهذا الإبهام :
إنّه قد ورد في هذه التوقيعات الأمر بإخفائها وعدم إطلاع الآخرين عليها : « ولا تظهر على خطنا ـ الذي سطرناه بما له ضمّنّاه ـ أحدا ، وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه ، وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه » . هذا ما جاء في ذيل التوقيع الأوّل . وجاء في ذيل التوقيع الثاني : « هذا كتابنا إليك . . . فاخفِه عن كل أحد واطوِه » .
ولكن هذا الكلام غير تام ؛ لعدّة اُمور :
الأوّل : إنّ الأمر جاء بإخفاء الخط دون المضمون ، بل جاء الأمر بإبلاغه إلى من يسكن إليه وأن يوصي جماعتهم بالعمل عليه ، وهذا الإبلاغ لا يكون ـ على ما تضمنه من أخبار غيبية ـ إلاّ بذكر المخبر الذي أعلم الشيخ المفيد بذلك وهو الإمام (عليه السلام) ، والنهي لم يتعلق بالنهي عن ذكر المصدر بل عن إظهار الخط ، إذ أنّ طبيعة الأمر أن يذكر المصدر أو يُسأل عن المخبر بمثل هذه الاُمور الغيبية .
بل إنّه قد ورد في ذيل التوقيع الثاني بعد الفقرة السابقة : « واجعل له نسخة تُطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا » .
فالحذر من الإطلاع على النسخة الأصلية وخطها لا النسخة الثانية ، سواء فسّرنا الأمر بالإطلاع الإطلاع على نفس النسخة ـ كما هو الظاهر ـ أو مضمونها .