ممّا امتاز به فقهاء الإمامية هو عدم تبنّي الرأي في أيّة مسألة من مسائل الفقه إلاّ بعد ملاحقة للأدلّة وتحليلها مفصّلاً . . ومحاكمة دقيقة للآراء المطروحة فيها . . وتمحيص تامّ للنتائج ممّا يمكن أن يعلق بها من إشكالات منطقية أو ايرادات عرفية . . فليس الإفتاء عندنا وليد انقداح عاجل . . بل هو نتاج لمخاض عسير من النقض والإبرام . .
بين يدي القارىء الكريم القسم الأوّل ممّا سطّرته يراعة السيّد الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ في بحث أصناف الدية الستّة . . حيث تناول الموضوع من زوايا أربع :
الاُولى ـ إنّ كون الحلّة من الأصناف ثابت بالروايات لا بالإجماع حسب . . الثانية ـ إنّ دفع الأصناف يكون على نحو التخيير لا التعيين . . الثالثة ـ إنّ الصنف الأوّل ( مئة إبل ) يعتبر أصلاً بالنسبة للأصناف الخمسة الاُخرى سيّما الدينار والدرهم . .
وأوكلنا بحث الجهة الرابعة إلى العدد القادم إن شاء اللّه تعالى . .
ـ القسم الأوّل ـ
بسم اللّه الرحمن الرحيم
لا شكّ في أنّ الدية تستأدى من أحد أصناف ستة هي : الإبل والبقر والغنم والدينار والدرهم والحلل ، وهذا المقدار ـ أعني أصل كون الدية منها ـ ضروري متسالم عليه فقهياً عند الخاصّة والعامّة ، كما أنّه قد ورد في روايات صحيحة بل مستفيضة إلاّ أنه يقع البحث حولها من جهات .