الحمد للّه ربّ العالمين ، والعاقبة للمتّقين ، والجنّة للموحّدين ، والنار للملحدين ، ولا عدوان إلاّ على الظالمين ، ولا إله إلاّ اللّه أحسن الخالقين ، والصلاة على خير خلقه محمّد وعترته الطاهرين . .
أمّا بعد :
اُوصيك يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن علي بن الحسين القمّي ، وفّقك اللّه لمرضاته وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته ، بتقوى اللّه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، فإنّه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة ، واُوصيك بمغفرة الذنب ، وكظم الغيظ ، وصلة الرحم ، ومواساة الإخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر ، والعلم عند الجهل ، والتفقّه في الدين ، والتثبّت في الاُمور ، والتعهّد للقرآن ، وحسن الخلق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال اللّه عزّ وجلّ : {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (44)، واجتناب الفواحش كلّها ، وعليك بصلاة الليل فإنّ النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) أوصى عليّاً (عليه السلام) فقال : « يا علي عليك بصلاة الليل ، عليك بصلاة الليل ، عليك بصلاة الليل » ، ومن استخفّ بصلاة الليل فليس منّا .
فاعمل بوصيّتي ، وأمر جميع شيعتي حتى يعملوا بها ، وعليك بالصبر وانتظار الفرج ، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله قال : « أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج » ، ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشّر به النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) حيث قال : « إنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » .
فاصبر يا شيخي ، وأمر جميع شيعتي بالصبر ، فإنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته ، وحسبنا اللّه ونعم المعين ونعم المولى ونعم النصير » (45).
(44)النساء : 4/114. (45)رياض العلماء 4: 7 ، نقلها عن مجالس الموءمنين، وقال : « وقد نقل الشهيد أو القطب الكيدري أيضاً في كتاب الدرّة الباهرة عن الأصداف الطاهرة هذا المكتوب من جملة كلام الحسن العسكري (عليه السلام) » ، وانظر كذلك : جامع المقال: 195، و روضات الجنّات 4 : 273/397، و تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 331، و الكنى والألقاب 1: 213، و خاتمة المستدرك 3: 528نقله عنه الطبرسي في الاحتجاج، و سفينة البحار 1: 410.