فلعلّ الشيخ كتبها إذ ذاك وهو في بغداد كوصية لولده ، خوفاً من أن يدركه الموت في الطريق إلى الحجّ أو الإياب منه ، وأرسلها بيد العائدين إلى قم من بغداد ، فكانت وصيّة ورسالة .
أمّا ما يدلّ على كونها رسالة ، فقد وُصِفت هكذا في كتب الرجال كما تقدّم ، ونقل عنها الصدوق بعنوان ( رسالة ) كما سيأتي .
وأمّا ما يدلّ على كونها وصية ، فإنّ الشيخ آقا بزرك ذكر وصول نسخة منها إلى زمان السيّد حسن الصدر ، ونقل في الذريعة أوّلها ، وفيها ما يشير إلى كونها وصيّة ؛ إذ جاء فيها قوله : «. . . واُوصيك بما أوصى به إبراهيم بنيه ، ويعقوب : يا بني إنّ اللّه اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون . ( إلى قوله بعد وصايا كثيرة ) : اخصّك يا بنيّ على اقتناء دين اللّه عزّوجلّ . . . إلخ » (1).
كما أنّ السيّد ابن طاووس ذكر في وصيّته لولده محمّد المطبوعة بعنوان ( كشف المحجّة لثمرة المهجة ) ما يدلّ على كونها وصية ، فقال : « ووجدت جماعة ممّن تأخّر زمانهم عن لقائه قد أوصوا بوصايا إلى أولادهم دلّوهم على مرادهم ، منهم : محمّد بن أحمد الصفواني ، ومنهم علي بن الحسين بن بابويه . . . » (2).
هذا ، زيادة على نقل الصدوق عنها في كتبه تارة بعنوان : ( رسالة أبي ) واُخرى بعنوان ( وصية أبي ) كما سيأتي ، ولم ينصّ أحد ـ في حدود ما اطّلعت عليه ـ بأنّ للصدوق وصية ورسالة من أبيه .
ولعلّ من المهم هنا أن نذكر بأنّ الكتاب المعروف منذ زمن المجلسي ( رحمه اللّه تعالى ) إلى اليوم باسم « الفقه الرضوي » ذهب بعضهم إلى كونه هو الرسالة بعينها ، وقد أفردت لهذه المسألة رسائل خاصّة ، وطال النزاع فيها ، وفي كتاب خاتمة المستدرك بحث مفصّل عن هذا الموضوع ، ناقش فيه جميع حجج القائلين بأنّ الفقه الرضوي هو رسالة علي بن بابويه (3)، والذي يعتقده المحدّث النوري : أنّ إملاء بعض الفقه الرضوي هو من الإمامالرضا (عليه السلام) ، والباقي لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، وهو داخل في نوادره (4).
(1)انظر مقدّمة تحقيق الإمامة والتبصرة: 87نقله عن الذريعة 13: 46ـ 47. (2)المصدر نفسه: 85، نقله عن كشف المحجّة: 50. (3)راجع خاتمة المستدركللمحدّث النوري 1 : 230ـ 322طبع موءسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث . (4)المصدر نفسه 1: 238.