اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 479
المتواترة عن ظواهرها في غاية الإشكال ، وأشكل منه مخالفة من تقدّم من
الأساطين ، بل الشهرة على فرض تحقّقها كما حكيت ، فالاحتياط في مثله ممّا لا ينبغي
تركه جدّا.
نعم وجوب قبول
قول المالك في نجاسة إنائه ، أو كلّ ما يتعلّق به ، ممّا لا ينبغي التأمّل فيه كما
عرفت ، آخذا بموجب جملة من الروايات المتقدّمة ، مضافة إلى ما حكاه في الحدائق [١] عن الحميري في
قرب الأسناد عن عبد الله بن بكير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلّى فيه وهو لا يصلّي فيه قال
: « لا يعلمه » قلت : فإن أعلمه ، قال : « يعيد » [٢] وفي معناه
أخبار اخر.
المطلب
الرابع : لا أعرف خلافا في قيام الاستصحاب
بالقياس إلى النجاسة مقام العلم بها ، فتحرز به النجاسة حيثما كان جاريا ، كما تحرز بالعلم وبغيره ممّا يقوم مقامه ، بل هو
المعلوم ضرورة من سيرة العلماء ، ويدلّ عليه عموم الأخبار المستفيضة الواردة في
باب الاستصحاب المشتملة على أنّ اليقين لا ينقض بالشكّ ، بناء على أنّ المراد بعدم
نقض اليقين عدم نقض المتيقّن ، أي رفع اليد عمّا كان متيقّنا إلى أن يحصل اليقين
بارتفاعه ، وهذه الأخبار وإن كان أعمّ من أخبار الباب المتقدّمة موردا ومفهوما ،
بل أعمّ من جميع الأدلّة ، غير أنّها كأدلّة العسر والحرج في مواردها واردة بحكم
فهم العرف على سائر الأدلّة ، وحاكمة عليها في اقتضاء كون الواقع ممّا يحرز بالعلم
، أو أنّ العلم داخل في موضوع الحكم ، فتكون مفادها أنّ الاستصحاب حيثما يكون
جاريا يقوم مقام العلم في كلّ ما هو شأنه ، فإن كان العلم في موارد اعتباره معتبرا
من باب الطريقيّة إلى الواقع فيقوم مقامه الاستصحاب ، ومرجعه بعد الجمع بين مفادي
الأدلّة الحاكمة والمحكوم عليها إلى أنّ الواقع ما يحرز بأحد الأمرين : من العلم ،
أو الحالة المتعقّبة له ممّا لم يبلغ رتبة العلم بالخلاف.
وإن كان العلم
في موارد اعتباره معتبرا من باب الموضوعيّة ـ على معنى كون العلم داخلا في موضوع
الحكم جزءا منه ـ فيقوم مقامه الاستصحاب ، ومرجعه ـ بعد الجمع ـ إلى أنّ موضوع
الحكم أحد الأمرين : من العلم ، أو الحالة المتعقّبة له الغير البالغة حدّ