وقال العلّامة رحمهالله في موضع من المنتهى : « لو أخبر العدل بنجاسة إنائه
فالوجه القبول ، ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالأقرب القبول أيضا » [٢] فما في كلام
المحقّق الخوانساري في شرح الدروس من المناقشة في ذلك بأنّ : « قبول قول المالك
عدلا كان أو فاسقا فلم أظفر له على حجّة » [٣] ممّا يقضي بالعجب ، ومع ذلك ليس ممّا يلتفت إليه.
وعن جماعة [٤] أنّهم قيّدوا
قبول قول إخبار الواحد بنجاسة إنائه بما إذا وقع الإخبار قبل الاستعمال ، فلو كان
الإخبار بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له ، فإنّ ذلك في الحقيقة إخبار
بنجاسة العين فلا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا ، ولأنّ الماء يخرج بالاستعمال عن
ملكه إذ هو في معنى الإتلاف أو نفسه. وهذا بمكان من القوّة وإن كان ما ذكر في
التعليل عليلا ، والوجه في ذلك أنّ هذا الإخبار لا يفيد علما ، ولا يستفاد من
الروايات المشار إليها أزيد من قبول إخبار ذي اليد ، لو تحقّق حال وجود المورد
وبقائه في يده ، فيبقى الأصل الكلّي المستفاد عن الروايات سليما عن المعارض ، فصار
نتيجة الكلام : أنّ النجاسة تثبت بالعلم أو بإخبار ذي اليد بها ، فثبوت الطهارة بهما
ـ مع أنّه لا حاجة له إلى شيء منهما ـ بطريق أولى.
وخامسها : إنّ الظنّ بالنجاسة لا عبرة
به ولو كان قويّا ، وأنّه لا فرق
فيه بين ما لو استند إلى العادة والغلبة وغيرها ، وهذا يستفاد عن إطلاق جملة كثيرة
من الروايات ، مضافا إلى ظهور جملة اخرى فيه بالخصوص ، كما يشهد به التأمّل في
صحيحة عبد الله بن سنان [٥] الواردة في إعارة الثوب للذمّي ، فإنّ مباشرة الذمّي له
ممّا يوجب بحسب العادة الظنّ الغالب بالملاقاة المنجّسة ، وعلى قياسها الأخبار
الاخر الواردة في ثياب المجوس ونحوها ، لكن في رواية طين المطر ما ربّما يوهم اعتبار
الظنّ الحاصل من الغلبة حيث يقول عليهالسلام : « فإن أصابه بعد ثلاثة أيّام فاغسله » [٦] ، فإنّ الغالب
عند مضيّ هذا المقدار من الزمان تحقّق سبب النجاسة.