اسم الکتاب : مناهج الأحكام في مسائل الحلال و الحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 1 صفحة : 669
و من المعلوم أنّه لا يقال: إنّ الخصلتين الأخيرتين خرجتا عن تحت قدرته و انحصر الواجب في الباقي، فالمذمّة و العقاب عليه لا غير.
قلت: ما ذكرتَ إنّما يصحّ لو كان الفائت الواجب المخيّر من حيث إنّه الواجب المخيّر، و هو بمعزل عمّا نحن فيه.
و تحقيق ذلك أنّ الشارع أوجب علينا في أوّل الظهر حال كوننا في السفر مثلًا صلاة الظهر، و خيّرنا بين فردين مقيّدين بأمرين، يتعيّن وجوب كلّ منهما بتحقّق أحد الأمرين.
ففي الحقيقة خيّرنا بين اختيار موجبي التعيين في الفردين، و لم يخيّرنا بين الفردين علىٰ الإطلاق، فيكون بحيث كلّما فات فات المطلق المخيّر في إيجاده في ضمن أيّ فرد شئنا، و المفروض أنّ تقييد الفردين بالأمرين و تعيّنهما بتحقّقهما أيضاً من جعل الشارع و تقديره، فليس في اختيار أحدهما ليتعيَّن الفرد المتعلّق به تعلُّقُ ذمّ للمكلّف.
فمفاد ذلك سقوط الفرد الآخر و تعيّن ذلك الفرد بمجرّد اختيار الأمر الموجب له بتجويز الشارع و رضاه، فانسلخ وجوب الآخر بالكليّة ما دام المكلّف متلبّساً بذلك الأمر الموجب.
فانحصر التكليف ما دام متلبّساً به في هذا الفرد الّذي أوجبه ذلك الأمر، فإذا تكاسل أو نسي و ترك ذلك الفرد فالّذي فات من المكلّف هو ذلك الفرد لا غير، لأنّ الفائت معناه مطلوب الشارع الّذي تُرك، و المطلوب حينئذٍ منحصر في الفرد المعلوم، كما هو المفروض، فلا معنىٰ للقول بأنّ الفائت هو القدر المشترك بين الأمرين.
و الترك المطلق ليس مراداً في باب الفوائت، و إلّا وجب علىٰ كلّ أحد دائماً الصلاة، لأنّه لم يصلّ في الآن السابق صلاة.
و بالجملة: الواجب المخيّر علىٰ قسمين: مطلق و مقيد، و ما ذكرته إنّما يجري في المطلق.
اسم الکتاب : مناهج الأحكام في مسائل الحلال و الحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 1 صفحة : 669