اسم الکتاب : مناهج الأحكام في مسائل الحلال و الحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 1 صفحة : 171
و الّذي يظهر لي من مجموع الأخبار الأوّلة سقوط الأذان عن من يدخل المسجد إذا كان منفرداً، كما هو ظاهر أكثرها، أو أعمّ بالنظر إلى الإطلاق، و خصوص بعضها.
و الّتي يمكن ادّعاء ظهور اعتبار الجماعة منه هو صحيحة أبي عليّ، على ما فهمه الجماعة، و أنت خبير بأنّ ملاحظة الفصل بقوله: «فقلت: فإن دخلوا» و سياق الكلام لا يظهر منه سقوط الأذان و الإقامة لهم، بل ربما يظهر كراهة الجماعة الثانية، لا الأذان و الإقامة.
و لكن جلّ كلام الأصحاب متّفق على السقوط عن الجماعة، بل و ظاهر أكثرهم الاكتفاء به، و هو مع أنّه خلاف الظاهر من الأخبار يمكن القول بأنّه بعد تسليم ذلك فيهما يثبت في المنفرد بطريق أولى، لتأكّدهما في الجماعة.
و بالجملة: الأولى بالنظر إلى الأخبار القول بجواز الترك للمنفرد، و بالنظر إليها و كلام الأصحاب معاً القول بجوازه للجماعة أيضاً.
و أمّا موثّقة عمّار فلا يقاوم تلك الأخبار، مع اعتضادها بعمل الأصحاب، و يمكن حملها أيضاً على غير المسجد.
و ربما يقال: بأنّ المراد من الأخبار كلّها بمعونة فهم الأصحاب هو الجماعة في المسجد، و أنّ تلك الأخبار محمولة على الاتّقاء، سيّما مع ملاحظة رواية أبي عليّ، مستدلا بموثّقة عمّار.
و كلام العامّة في ذلك مختلف، و لم يظهر منهم عدم جواز ذلك، نعم أبو حنيفة و بعض آخر منهم يقول بكراهة الجماعة الثانية في المسجد [1]، و ذلك أيضاً تفصيل، و هو غير القول بسقوط الأذان و الإقامة، و لو فرض كونه كذلك فذلك إنّما يحسن بالنظر إلى الجماعة، دون غيرها.
و أمّا رواية أبي عليّ فالّذي يشعر به هو إرشادهم على الاختفاء و الانزواء، و عدم إبراز أنفسهم، خوفاً من الضرر، و هذا القدر لا يوجب اطّراد الحكم.