اسم الکتاب : مناهج الأحكام في مسائل الحلال و الحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 1 صفحة : 119
و للقول الثالث مكاتبة عليّ بن مهزيار قال: كتب إليه سليمان بن راشد يخبره أنّه بال في ظلمة الليل، و أنّه أصاب كفَّه برد نقطة من البول لم يشكّ أنّه أصابه و لم يره، و أنّه مسحه بخرقة، ثمّ نسي أن يغسله، و تمسّح بدهن فمسح به كفّيه و وجهه و رأسه، ثمّ توضّأ وضوء الصلاة فصلّى، فأجابه بجواب قرأته بخطّه: أمّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء إلّا ما تحقّق، فإن تحقّقت ذلك كنت حقيقاً أن تعيد الصلوات الّتي كنت صلّيتهنّ بذلك الوضوء بعينه ما كان منهنّ في وقتها، و ما فات وقتها فلا إعادة عليك لها، من قبل أنّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلّا ما كان في وقت، و إذا كان جنباً أو صلّىٰ على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللّواتي فاتته، لأنّ الثوب خلاف الجسد [1].
و هي مع كونها مكاتبة فيها تشويشات و اختلاطات لا يرضىٰ به الفقهاء و لا يصحّ، و ذلك يضعّفها، و جمع من المتأخّرين حكموا بتهافته [2]، و لا يقاوم أدلّتنا.
و أحسن ما وجّه هذا الخبر هو ما أفاده شيخنا المحقّق دام ظلّه: أنّ لفظة: «من قبل» ظرف محذوف الإضافة، أي من قبل أن تتحقّق و تجزم به، فيكون مرتبطاً بما تقدّم. و «انّ الرجل» ابتداء كلام، و تحقيق في الفرق بين الثوب و الجسد، و تعليل للحكم السابق، و تأكيد له [3]، انتهى ملخّصاً.
قال: المراد من الثوب و الجسد النجاسة الحدثيّة و الخبثيّة.
و أمّا لو تذكّر في الأثناء فلم أجد في كلامهم تصريحاً في حكمه، و يمكن القول بأنّ حكمه حكم الجاهل، و سيأتي أنّه يعيد إذا علم في الأثناء، فيعيد الناسي بطريق أولى، و يؤيّده العمومات و الإطلاقات في الإعادة، و هي كثيرة جدّاً. و يدلّ عليه خصوص التعليل في موثّقة سماعة المتقدّمة.
و ربما يستدلّ عليه بصحيحة عليّ بن جعفر: عن رجل ذكر و هو في الصلاة أنّه
[1] وسائل الشيعة: ج 2 ص 1063 ب 42 من أبواب النجاسات ح 1.
[2] منهم السيّد العاملي في مدارك الأحكام: ج 2 ص 348، و الفيض الكاشاني في كتاب الوافي: ج 6 ص 154.