و خرّج في
التهذيب كلام المفيد على أنّ الجنب حكمه حكم النجس الى أن يغتسل، فمتى لاقى الماء
الذي يصحّ فيه قبول النجاسة فسد. ثم ذكر خبر محمد بن الميسّر- بالسّين المهملة، و
ضمّ الميم، و فتح الياء المثناة تحت- عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام)،
الدالّ على أنّ الجنب إذا انتهى الى الماء القليل و ليس معه إناء يغترف به و يداه
قذرتان يضع يده و يغتسل، دفعا للحرج. و نزّله على أخذ الماء بيده لا أنّه ينزله
بنفسه، و يغتسل بصبّه على البدن[2] و حمل القذر على
وسخ غير نجس[3].
و لو تمسك
بقضية صيرورة الماء مستعملا، و حمل الفساد عليه، كان أليق بمذهبهما. و في الرواية:
الارتماس في الجاري أو فيما زاد على الكر من الواقف لا فيما قلّ، و هو يشعر بما قلناه
من العلّة.
و احتج على
كراهية النزول بمكاتبة محمد بن إسماعيل بن بزيع الى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه
ماء السماء و يستقى فيه من بئر فيستنجي فيه، أو يغتسل فيه الجنب، ما حدّه الذي لا
يجوز؟ فكتب: «لا تتوضّأ من مثل هذا إلّا من ضرورة»[4] و لا يخفى
ضعف هذا التمسك إسنادا و دلالة.
نعم، روى
العامّة عن النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله) أنّه قال: «لا يبولنّ أحدكم في
الماء الدائم، و لا يغتسل فيه من جنابة»[5] و تمسّك به على سلب
الطهورية، و حمله في المعتبر على الكراهية تنزيها عما تعافه النفس[6]، أو على
التعبّد