وأما ما تضمن تفسيرها بذكر الإنسان بما يكره أو بما ستره الله عليه فسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وحينئذ فمن القريب جدا اختصاص الغيبة عرفا بما إذا كان ذكر العيب بقصد الانتقاص، كما هو ظاهر بعض وصريح آخر.
ففي جامع المقاصد: (وضابط الغيبة كل فعل يقصد به هتك عرض المؤمن والتفكه به وإضحاك الناس منه)، وعن الشهيد الثاني في كشف الريبة: (ان الغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص والذم)، وهو المصرح به في الجواهر أيضا.
ويناسبه التعبير عنها بأكل اللحم وتشبيهها به، فإن الظاهر أن المراد به الاشتغال بعيب الناس وانتقاصهم، كما يظهر من مقابلته بالمدح في مثل رواية الزهري عن أبي جعفر (عليه السلام):
(بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا)
ويظهر أيضا من خبر دعائم الإسلام عن الصادق (عليه السلام): أنه سئل عما يرويه الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (إن الله يبغض أهل اللحميين). قال جعفر بن محمد (عليه السلام): (... إنما ذلك من اللحم الذي قال الله عز وجل: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا). يعنى: بالغيبة والوقيعة)[2].
ويناسبه أيضا مقابلة الغيبة نفسها بالمدح في بعض الروايات كرواية حفص بن غياث عن الصادق عن آبائه عن علي (عليه السلام): (قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من مدح أخاه في وجهه واغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة)