والنسبة وإن كانت بالإطلاق والتقييد إلّا أنّ عموم الابتلاء بالمطلق ووروده في محلّ الحاجة ممّا يبعّد تقييده برواية أخرى متوجّهة إلى شخص آخر مع تخلّل زمان الحاجة بينهما , فإنّ ارتكاب التقييد في هذا النحو من المطلقات من أبعد التصرّفات , حيث إنّ المنصف يجد من نفسه قوّة الظنّ بعدم إرادة الإمام عليهالسلام من هذا المطلق إلّا ظاهره , فلهذه المطلقات ـ بقرينة مواردها ـ ظهور خاصّ في الإطلاق والعموم غير الظهور النوعي المستند إلى أصالة الإطلاق , وهذا بخلاف المقيّد , فإنّ إرادة الاستحباب منه غير بعيد , فالتصرّف فيه أهون.
هذا كلّه , مع تصريح أمير المؤمنين عليهالسلام في رواية إسماعيل بن جابر , المتقدّمة [٢] في أوائل مباحث الوضوء بعد قوله عليهالسلام : «إنّ آية الوضوء من المحكمات , وإنّ حدود الوضوء غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرّجلين» قال : «وما يتعلّق بها ويتّصل سنّة واجبة على من عرفها وقدر على فعلها» لأنّ ظاهرها نفي اعتبار ما سواها في صحّة الوضوء , وأنّ ما ثبت مطلوبيّته شرعا ـ ممّا يتعلّق بالوضوء ما عدا المذكورات , كالمضمضة والاستنشاق والسواك وغيرها ـ إنّما هو من السنن التي ينبغي أن لا يتركها من عرف أنّها سنّة شرعيّة , وقدر على فعلها , وليس المراد بالوجوب في الرواية ـ على ما يشهد به سياق الرواية وتقييد
[١]الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٥ , التهذيب ١ : ٧٧ ـ ١٩٥ , الوسائل , الباب ٢٤ من أبواب الوضوء , الحديث ٣.