دالّة ، إذ يمكن
أن يكون المراد بالاستواء في الاجتهاد حينئذ الاستواء في كيفيته ، أو في الاجتهاد
في مسألة قبلة فاقد العلم والظن ، وهو سقوط اعتبار القبلة ، وبالجملة ليس فيها
دلالة واضحة على ما ذكره.
فائدة : وإذ عرفت وجوب التحرّي في تحصيل الظن لغير المتمكن من
العلم ، فلا بدّ له من معرفة الطرق المحصلة للظن.
فمنها : القواعد
الهيوية ، وهي محصّلة للظن القوي بجهة القبلة بالمعنى الذي ذكرنا ، أي بالمسافة
التي يكون البعيد المحاذي لأيّ جزء منها حقيقة محاذيا للكعبة عرفا ، وهي كما عرفت
تتّسع بزيادة البعد عنها.
وما في كلام جماعة
من أنها محصّلة للظن بالعين والقطع بالجهة [١] ، كلام غير محصّل جدّا ، فإنّه لا سبيل للقواعد الهيوية
إلى تحصيل العين التي هي لا تزيد طولا وعرضا عن نحو من ثلاثين ذراعا بوجه من
الوجوه ، وكيف يظن بتلك القواعد خصوص موضع هذا القدر من المكان في البعد؟! فإنه
أمر لا سبيل إليه منها.
وكذا القطع بالجهة
، فإنّ تلك القواعد مأخوذة من كلام أهلها الذي يجوز على كلّ منهم الخطأ ، ومبنيّة
على الأرصاد المختلفة عن بعض الآحاد ، مع بعض اختلاف فيها أيضا. ومع ذلك فيها وجوه
أخر من منافيات القطع.
فالحاصل من تلك
القواعد : تعيين الموضع الذي يظن المستقبل له المحاذاة العرفية للكعبة ، لكونه
إمّا عينها أو ما يقاربها ، بحيث لا يخرج المحاذي له في البعد عن محاذاة الكعبة
عرفا ، ويعدّ المتوجّه إليه متوجّها إليها كذلك.
ومقابل هذا القول
ما قيل من أنها غير مفيدة للظن أيضا ، لابتنائها على كروية الأرض التي ليس عليها
دليل ، بل لا توافق ظواهر الآيات. مضافا إلى أنها خالية عن الدليل التام ومأخوذة
من كلام الهيويين الذين لا وثوق لنا بإسلامهم