فضلا عن عدالتهم ،
فلا يفيد كلامهم علما ولا ظنّا [١].
وهو ضعيف غايته ،
فإنها وإن كانت مبتنية على الكروية ولكن دعوى أنه لا دليل عليها إن أريد القطعي
فلا بأس به ، وإن أريد الأعم فخلاف الواقع ، حيث إنّ إفادة الأدلة الآتية ـ المفصّلة
في محالّها ـ للظن القوي بكرويتها ممّا لا مجال للريب فيها ، بل لا يبعد أن يحصل
من اجتماعها العلم العادي للممارس المتفرّس.
وأمّا القول بأنها
لا توافق ظواهر الشرع فلم نعثر على ظاهر واحد ينافيها ، وبعض الآيات التي ذكروها
غير دالّة على خلافها جدّا.
مع أنّ أكثر عظماء
علماء الشريعة صرّحوا بكرويتها ، منهم الفاضل في كتاب الصوم من التذكرة [٢] ، وولده فخر
المحقّقين في الإيضاح [٣] ، وغيرهما [٤].
وأمّا أنّ شيئا من
تلك القواعد ليس عليه دليل تام فكلام خارج عن الإنصاف جدّا ، كيف ومع أنّ أكثرها
يثبت بالدلائل الهندسية والبراهين المجسطية [٥] التي لا يتطرق إليها ثبوت شبهة.
وأمّا حديث عدم
الوثوق بأهله وعدم عدالتهم فلا يصلح الإصغاء إليه ، فإنه لا يشترط في ذلك حصول
اليقين. ورجوع الفقهاء فيما يحتاجون إليه في كلّ فن إلى علمائه وتعويلهم على قواعدهم
إذا لم يخالف الشرع شائع ذائع ، كما في مسائل النحو واللغة والطب والحساب ، من غير
بحث عن عدالتهم. بل يأخذون تلك المسائل مسلّمة ، للظن الغالب بأنّ جماعة من حذّاق
صناعة إذا اتّفقت كلمتهم
[١] قد أنكر صاحب
الحدائق كروية الأرض في كتاب الصوم ( ج ١٣ ص ٢٢٦ ) وقال : إن ساعدني التوفيق أكتب
رسالة شافية في دفع هذا القول. واستشكل صاحب المدارك من ناحية إسلام الهيويين
وعدالتهم. المدارك ٣ : ١٢١.