كان طرفا للعلم
الإجمالي ، لأن العلم الإجمالي كالتفصيلي حجة يمتنع جريان الحجج النافية على خلافه
، أمارة كانت أو أصلا. ومثله : الأذان والإقامة اللذان يشرع لفواتهما الاستئناف
إذا ذكر قبل الركوع [١] ولأجل ذلك تضمن صحيح زرارة إجراء القاعدة فيهما مع الشك
فيهما بعد تكبير الافتتاح [٢] فكان اللازم على المصنف (ره) استثناء مثل القنوت عن
القاعدة المذكورة في هذه المسألة.
وربما يقال : إن
مخالفة الحكم الاستحبابي لما لم توجب عصيانا ولا عقاباً لم يلزم من إجراء قاعدة
التجاوز في الاجزاء المستحبة ترخيص في محتمل المعصية ليقبح فيمتنع ، فلا مانع من
إجراء القاعدة في الطرفين. وفيه : أن التعبير بأن إجراء الأصل النافي للتكليف في
طرف العلم الإجمالي ترخيص في محتمل المعصية جار على ما هو محل الكلام من الشبهة
المحصورة ، وليس هو المناط في المنع عن جريان الأصل ، بل المناط ما عرفت. من كون
العلم الإجمالي حجة ـ كالعلم التفصيلي ـ مانعا عن جعل الحكم الظاهري على خلافه ،
للزوم التناقض ونقض الغرض. فان قلت : إذا علم إجمالا : أنه إما يجب الصوم أو تستحب
الصدقة فلا إشكال في جواز الرجوع الى البراءة في وجوب الصوم ، مع أن مقتضى ما ذكر
هو العدم. قلت : فرق بين الأصول العقلية والأصول الشرعية ، فإن الأصول العقلية
تجري ما لم يكن بيان على خلاف مقتضاها ، وهو غير حاصل في الفرض ، إذا العلم
الإجمالي فيه ليس متعلقا بتكليف إلزامي ، فلا يكون حجة على خصوص وجوب الصوم. أما
الأصول الشرعية ـ فلأجل أن مفادها أحكام شرعية طريقية والعلم الإجمالي ـ كالعلم
التفصيلي ـ رافع لموضوع الحكم الطريقي ، للزوم
[١] راجع الوسائل
باب : ١٩ من أبواب الأذان والإقامة.
[٢] الوسائل باب :
٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 7 صفحة : 637