مثلا لو لم يفحص
عن حكم الشك بين الأقل والأكثر فابتلي بالشك في صلاته فبنى على الأقل جهلا وأتم
الصلاة لم يكن معذورا في حرمة إبطال الفريضة لو كانت صلاته في الواقع مطابقة
لاحتمال الأكثر. وليس وجوبه نفسياً ، لعدم الدليل عليه ، وقصور ما تضمن الأمر به ـ
من الكتاب والسنة ـ عن إثباته ، لظهورها فيما ذكرنا ، خلافا لما عن الأردبيلي ومن
تبعه لوجوه مضعفة في محلها من الأصول. كما أنه ليس غيريا ، لعدم مقدمية التعلم
للموافقة ، وإنما له دخل في حصول العلم بها ، ولا طريقياً ، لأن الأمر الطريقي عين
الأمر بالواقع على تقدير المصادفة ، وليس هنا كذلك ، لظهور مباينة العلم للواقع
مطلقا ، فيمتنع أن يكون الأمر بأحدهما عين الأمر بالآخر. والكلام في ذلك موكول إلى
محله في الأصول. وقد أشرنا إليه في مطاوي هذا الشرح.
وعلى ما ذكرنا من
معنى الوجوب فثبوته على تقدير العلم بالابتلاء ظاهر أما مع الشك فيه فلا يخلو عن
إشكال. اللهم إلا أن يكون بناء العقلاء على الاكتفاء ـ في حسن المؤاخذة على
المخالفة بمجرد احتمال الابتلاء وكون المكلف في معرض الابتلاء ـ كما هو غير بعيد ـ
ويقتضيه ظاهر الأصحاب حيث بنوا على عدم عذرية الجهل قبل الفحص مطلقا. نعم في صورة
الاطمئنان بعدم الابتلاء لا ينبغي التأمل في المعذورية عقلا ، لبناء العقلاء
عليها.
[١] بل لعله
المشهور ، وظاهر السيد المرتضى وأخيه : دعوى الإجماع عليه. لكنه غير ظاهر الوجه ،
لما عرفت : من عدم الدليل على اعتبار قصد الوجه تفصيلا ، ولا يتوقف عليه التعبد
والامتثال. والإجماع المذكور غير صالح للاعتماد عليه.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 7 صفحة : 594