العرضية إنما تكون
بملاقاة الأعيان النجسة مع عدم استعمال المطهر ، فإطلاق كونهم ذا نجاسة ـ حتى مع عدم
ملاقاة الأعيان النجسة ، ومع استعمال المطهر ـ يدل على كون النجاسة ذاتية
بالالتزام.
وأخرى : بأن لفظ
النجس ـ بالفتح ـ لم يثبت كون المراد منه النجس بالمعنى الذي هو محل الكلام ، لعدم
ثبوت الحقيقة الشرعية ، فمن الجائز أن يكون المراد منه معنى آخر غيره ، بل ذكر بعض
أهل اللغة : أن النجس المستقذر ، وبعضهم : أنه ضد الطاهر. ومرادهم من الطهارة
المعنى اللغوي ، وهو غير الطهارة الشرعية.
وهذا الاشكال ذكره
جماعة منهم الأردبيلي في شرح الإرشاد ، وتلميذه في المدارك ، وتلميذه في الذخيرة ،
وغيرهم. وأجيب عنه : بأن الحمل على النجس العرفي ـ مع أنه خلاف وظيفة الشارع ،
وأنه مخالف للواقع في كثير من المشركين ، وأنه لا يختص بهم بل يشاركهم فيه غيرهم
من المسلمين ـ لا يناسب الحكم المفرع عليه. ومثله حمله على الخباثة النفسانية ـ كالحدث
ـ فإنها وان صح التعبير عنها بالقذارة وعبر عن ضدها بالطهارة ، لكنها قائمة بالنفس
، فإنها منقصة في النفس ، وظاهر الآية الشريفة نجاسة البدن ـ أعني : الهيكل الخاص
ـ فيتعين حملها على ثبوت القذارة في البدن على نحو ما ورد في الكلب وغيره من
النجاسات العينية الجعلية.
واحتمال إرادة
معنى آخر غير ما ذكر ، فيراد منه نوع خاص من الخباثة قائم بالبدن غير النجاسة ،
وغير الخباثة المرادة من قوله تعالى : ( وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ )[١] ـ مع أنه خلاف أصالة وجوب حمل اللفظ على أقرب المعاني
المجازية بعد تعذر الحقيقة ـ [ بعيد جداً ] لعدم معهودية ذلك ، ولو جاز التشكيك
المذكور في الآية لجاز مثله فيما ورد في الكلب