المشهور بين
المتأخرين الأخذ بضد الحالة السابقة فيمن تيقن الطهارة والحدث وشك في المتقدم
منهما ، وفيه : أن الطهارة المستصحبة هي الطهارة الثابتة حال استعمال الطاهر
المرددة بين بقاء الأولى وحدوث غيرها ، وهي معلومة الثبوت مشكوكة البقاء. مضافا
إلى أن جريان الاستصحاب ذاتاً مع الجهل بالتقدم والتأخر محل إشكال محرر في محله.
ولعله يأتي في أواخر مبحث الوضوء ، فكيف يكون مثل ذلك مانعاً من الطهارة المائية؟.
وإما لأنه بعد
تطهير بعض الأعضاء يعلم إجمالا بنجاسة أحد العضوين ، إما العضو المطهر لنجاسة
الإناء الثاني ، أو العضو الذي لم يطهر لنجاسة الإناء الأول ، فتستصحب النجاسة إلى
ما بعد تطهير الباقي. وفيه : أنه يتوقف على كون المانعية من آثار الكلي ليجري
استصحابه ، أما لو كانت من آثار الفرد ، فقد عرفت أن استصحاب الفرد المردد محل
إشكال.
وإما لأن ملاقاة
الثاني للأعضاء عند تطهيرها به قبل حصول شرائط التطهير من الغلبة ، والانفصال ،
والتعدد. توجب العلم بالنجاسة حينئذ إما لملاقاتها للماء الأول ، أو للماء الثاني
قبل أن تحصل شرائط التطهير ، فتستصحب النجاسة الى ما بعد حصول الشرائط. ولا يعارضه
استصحاب الطهارة. للجهل بتاريخها بخلاف النجاسة ، فإن تاريخها معلوم ، وهو أول
أزمنة مماسة الماء الثاني للأعضاء. ولا فرق في صحة الاستصحاب المذكور بين كون
الأثر للفرد والكلي ، لصحة جريان استصحاب كل منهما.
نعم يشكل هذا
التوجيه وما قبله أيضاً ـ مع الغض عما تقدم ـ : بأن غاية مقتضاهما ثبوت النجاسة
ظاهراً بعد التطهير بالثاني ، وهو إنما يمنع من الاجتزاء بالصلاة بعد ذلك ، لكن لو
كرر الصلاة عقيب كل من الوضوءين فقد أحرز الصلاة الصحيحة الواجدة لشرط الطهارة من
الحدث والخبث ، فيكون الأمر بالإراقة والتيمم خلاف مقتضى القواعد.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 264