اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 8 صفحة : 257
..........
في المبسوط [1] و غيره من المتأخّرين [2]، محتجّين بأن النكاح ليس من عقود المعاوضات القابلة لخيار الشرط، بل فيه شائبة العبادة، فالشرط يخرجه عن وضعه.
و خالف في ذلك ابن إدريس [3] فحكم بصحّة العقد و فساد الشرط. و وجهه:
ما أشار إليه من وجود المقتضي لصحّة العقد، لاجتماع شرائط الصحّة فيه، لأنه الفرض، و انتفاء المانع، إذ ليس إلا اشتراط الخيار فيه، و إذا كان العقد غير قابل للخيار لغا شرطه و عمل بمقتضى العقد، لأصالة الصحّة و عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[4] كما لو اقترن بغيره من الشروط الفاسدة، فإن كلّ واحد من العقد و الشرط أمر منفكّ عن الآخر، فلا يلزم من بطلان أحدهما بطلان الآخر. و بالغ ابن إدريس في أنه لا دليل على البطلان من كتاب و لا سنّة و لا إجماع، بل الإجماع على الصحّة، لأنه لم يذهب إلى البطلان أحد من أصحابنا، و إنما هو تخريج المخالفين و فروعهم، اختاره الشيخ على عادته في الكتاب.
و وجه البطلان: أن التراضي لم يقع على العقد إلا مقترنا بالشرط المذكور، فإذا لم يتمّ الشرط لم يصحّ العقد مجرّدا، لعدم القصد إليه كذلك، و صحّة العقود مترتّبة على القصود، فليس إلا الحكم ببطلانهما معا أو صحّتهما معا، لكن لا سبيل إلى الثاني، لمنافاته وضع النكاح، فتعيّن الأول. و هذا هو الأقوى.
و أما اشتراطه في الصداق فلا مانع من صحّته، لأن الصداق ليس ركنا في النكاح، بل هو عقد مستقلّ بنفسه، و من ثمَّ صحّ إخلاؤه عنه، فإدخاله فيه بشرط