اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 8 صفحة : 253
..........
يعطيها مهرها، الشامل لما لو كان ذلك قبل الدخول و بعده، و قد تقدّم [1] الحكم بأنه مع الدخول لا يجوز لها الامتناع، بل و لا يجب عليه إعطاء المهر مطلقا من دون أن تطلبه، و قد حكم بعدم جواز خروجه من دون أن يعطيها مطلقا. و هذا يصلح منشأ لتردّد المصنف في الحكم مع عدم تردّده في السابقة.
و الذي يوافق الأصل بطلان الشرط المذكور، لما ذكرناه، و بطلان المهر، لكونه غير معيّن، و صحّة العقد، لعدم ارتباطه به كما سلف في نظائره، و لعدم القائل ببطلانه، و إن كان محتملا. و على هذا فيثبت لها مهر المثل، لكونه مجهولا ابتداء. لكن يشكل فيما لو زاد عن المفروض على التقديرين، لقدومها على الأقلّ. و كذا مع زيادته على الأقلّ إذا لم يخرجها من بلدها. و كذا يشكل بما لو نقص عن المقدّر على التقديرين، لالتزامه بالأزيد منه مع الشرط عليه، فلزوم المقدّر مع عدم لزوم الشرط عليه أولى. و القائلون بفساد الشرط اقتصروا في البحث عليه، و أهملوا البحث عن المهر.
و لو عملنا بالرواية لجودة سندها كان حسنا، و سلمنا من هذا الإشكال.
و يمكن الاعتذار عن المخالفة الأولى بأن التعيين متحقّق على التقديرين. و مثل هذا الاختلاف مغتفر في المهر، لاحتماله من الغرر ما لا يحتمله غيره من عقود المعاوضات. و من ثمَّ اكتفي بمشاهدته من دون معرفة مقداره، بل جعله ظرف خلّ مثلا مع عدم مشاهدة الخلّ أصلا- كما سبق [2]- حيث ظهر خمرا. و مثل هذا الاختلاف قد تقدّم [3] اغتفاره في عوض الإجارة، كما لو قال: إن خطته كذا فلك كذا أو كذا فلك كذا، أو: إن جئت به اليوم فلك كذا، مع أنها أضيق دائرة منه، لكونها معاوضة محضة.