اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 8 صفحة : 189
..........
المسألتان المذكورتان، فإن العلامة يرى أن المهر فاسد من أصله، و ذلك يوجب مهر المثل، و من حيث إنه لم يقصد في الثانية إلى الفساد و إنما أراد الماليّة فاقتضى اعتبار القيمة، و هذا بحث آخر لا ينافي تلك القاعدة، بل يمكن ردّه إليها و إلى القاعدة الأخرى بالاعتبار.
إذا تقرّر ذلك فنقول: إذا ثبت على الزوج ضمان المهر بالقيمة بسبب تلفه قبل التسليم ما الذي يعتبر من قيمته؟ الذي ذكره المصنف اعتبار وقت تلفه، كما هو المعتبر في ضمان اليد. و وجهه: أن العين ما دامت موجودة لا تجب القيمة قطعا، و إنما ينتقل إليها مع تلف العين، فيكون المعتبر فيها وقت الانتقال إليها. و لا ينافي ذلك كون العين مضمونة عليه حينئذ، لأن معنى ضمانها أنها بحيث لو تلفت وجب الانتقال إلى البدل. و هذا هو الأقوى.
و قيل: يعتبر أعلى القيم من حين العقد إلى حين التلف، لأنه مضمون في جميع هذه الأوقات، و من جملتها زمان علوّ القيمة، خصوصا مع مطالبتها بالتسليم و منعها، لأنه حينئذ يصير غاصبا فيؤخذ بأشقّ الأحوال. و قال الشيخ في المبسوط: إنه مع المطالبة يلزمه الأعلى من حين المطالبة إلى وقت التلف، لأنه غاصب [1]. و قد ظهر من تعليل الأول جواب الثاني. و التعدّي بعدم التسليم لا يوجب ضمانا زائدا على ما دلّ عليه الدليل و إن أوجب الإثم.
و اعلم أنه لا يتوهّم متوهّم أن قول المصنف: «على قول مشهور» راجع إلى ضمان قيمته يوم التلف، حيث إنه موضع خلاف أيضا، لأن القول بضمانه يوم التلف ليس هو المشهور و إن كان هو المنصور، بل المشهور خلافه. و سيأتي [2] في