اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 256
..........
و ظاهرهم الاتفاق على هذا الحكم، و في الأخبار إيماء إليه، ففي رواية منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «إذا أوصى الرجل إلى أخيه و هو غائب فليس له أن يردّ عليه وصيّته، لأنّه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره» [1].
و مقتضى هذا التعليل أن صحّة الردّ مشروطة ببلوغه الخبر، لأنّه إذا كان مشروطا بدون القبول فبه أولى، و في معناها كثير، و لأنّه على تقدير قبوله يكون قد غرّه و منعه من طلب غيره فلم يكن له أن يضيّع حقّه.
أمّا لو ردّ في حياته و بلغه الردّ فإنّ الوصيّة تبطل اقتصارا باللزوم على موضع الوفاق فيما خالف الأصل، و لانتفاء المحذور هنا.
و اعلم: أنّ كلّ موضع يلزمه الوفاء بالوصيّة لو امتنع من القيام بها فإن أصرّ عليه خرج عن أهليّة الوصاية بفسقه على القول باعتبار العدالة فيخرج عن الوصاية.
و لو كان جاهلا بالوجوب أو لم نشترطها أجبره الحاكم على القيام بها و أخبره بالوجوب.
و أطلق جماعة [2] من الأصحاب إجبار الحاكم له مع امتناعه، و هو مقيّد بعدم الخروج بالترك عن الأهليّة.
و بقي في المسألة أمر آخر، و هو أنّه هل يشترط مع بلوغ الموصي الردّ إمكان إقامته وصيّا غيره، أم يكفي مطلق بلوغه حيّا؟ ظاهر الفتاوى الثاني، و مقتضى التعليل الأول، لأنّه إذا لم يمكنه نصب وصيّ آخر يكون بمنزلة ما لو لم يعلم بالردّ.
و الأجود اعتبار الإمكان كما يرشد إليه قوله (عليه السلام): «لأنّه لو كان شاهدا و أبى أن يقبلها طلب غيره» فإنّ العلّة المنصوصة تتعدّى على الأقوى، و لانتفاء الفائدة بدونه. فعلى هذا لو كان حيّا و لكن لم يمكنه نصب أحد و لو بالإشارة لم يصحّ الردّ.
و لو أمكن و لكن كان المنصوب غائبا بحيث يتوقّف ثبوت وصايته على البيّنة و لم يحضر