اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 218
و تصحّ الوصيّة للذمّي (1) و لو كان أجنبيّا. و قيل: لا يجوز مطلقا. و منهم من خصّ الجواز بذوي الأرحام. و الأول أشبه.
و يبطل الأول بأن الشيء إنما ينسخ غيره إذا لم يمكن الجمع بينهما، و هو هنا ممكن بحمل الإرث على ما زاد عن الوصيّة، أو ما زاد عن الثلث كغيرها من الوصايا، و به يبطل الباقي. و الخبر- على تقدير تسليمه- يمكن حمله على نفي وجوب الوصيّة الذي كان قبل نزول الفرائض، أو على نفي الوصيّة مطلقا بمعنى إمضائها و إن زادت عن الثلث كما يقتضيه إطلاق الآية. و المراد نفي الوصيّة عمّا زاد عن الثلث، و تخصيص الوارث لحثّ الآية على الوصيّة له، إذ لولاه لاستفيد من الآية جواز الوصيّة له بجميع ما يملك الموصي. و وافقنا بعضهم حتى قال: ليست الوصيّة إلا للأقربين [1]، عملا بمقتضى الآية. و هو قادح في دعوى بعضهم الإجماع على نسخها.
و اعلم: أنّ المراد بالأجنبيّ في قول المصنف غير الوارث و إن كان قريبا بقرينة ذكر قسيمه. و لو قال: للوارث و غيره، كان أجود، لأنّ المتبادر من الأجنبيّ من ليس بقريب، فلا يكون اللفظ شاملا للقريب غير الوارث.
قوله: «و تصحّ الوصيّة للذمّي. إلخ».
(1) وجه الجواز مطلقا عموم قوله تعالى لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ- إلى قوله- أَنْ تَبَرُّوهُمْ[2] و الوصيّة بر. و خصوص صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): «في رجل أوصى بماله في سبيل اللّه، قال: أعط لمن أوصى له و ان كان يهوديّا أو نصرانيّا، إن اللّه تعالى يقول فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» [3]. و قريب منها حسنة محمد بن مسلم [4] عن أبي عبد