اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 149
..........
كان ذلك في حياة الموصي أم بعد وفاته. و قال المفيد [1] و ابن إدريس [2] لا تصحّ الإجازة إلّا بعد وفاته، لعدم استحقاق الوارث المال قبله فيلغو كردّه.
و يدلّ على المشهور صحيحة منصور بن حازم [3] و حسنة محمد بن مسلم [4]، عن أبي عبد اللّه- (عليه السلام)- في رجل أوصى بوصيّة، و ورثته شهود فأجازوا ذلك، فلما مات الرجل نقضوا الوصيّة، هل لهم أن يردّوا ما أقرّوا به؟ قال: «ليس لهم ذلك، و الوصيّة جائزة عليهم إذا أقرّوا بها في حياته». و غيرهما من الأخبار. و يؤيّده عموم الأدلّة الدالّة على وجوب إمضاء الوصيّة [5] و كون الإرث بعدها [6]، خرج منه ما إذا لم يجز الوارث مطلقا فيبقى الباقي، و لأنّ المنع من نفوذ الزائد عن الثلث إنّما هو لحقّ الورثة، و هو متحقّق في حال الحياة، فإذا أجازوا فقد أسقطوا حقّهم، و لأنّ المال الموصى به لا يخرج عن ملك الموصي و الورثة، لأنّه إن برئ كان المال له و إن مات كان للورثة، فإن كان للموصي فقد أوصى به و إن كان للورثة فقد أجازوه.
و بهذا يظهر الجواب عن حجّة المانع. و الاعتماد على النصّ الصحيح، و الباقي شاهد أو مؤيّد. و لا فرق في ذلك بين كون الوصيّة و الإجازة حال صحّة الموصي و مرضه المتّصل بالموت و غيره، لاشتراك الجميع في المقتضي.
و الفرق بين إجازة الوارث حال الحياة و ردّه حيث لم يؤثّر الثاني دون الأول: أنّ الوصيّة مستمرّة ببقاء الموصي عليها، فيكون استدامتها كابتدائها بعد الردّ فلا يؤثّر، بخلاف الردّ بعد الموت لانقطاعها حينئذ، و بخلاف الإجازة حال الحياة لأنّها حقّ