اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 381
..........
السراية سلطنة على مال الغير فيقتصر فيها على موضع الوفاق.
و اعلم أنّ ما بيّنّاه من الحكم على الأقوال الثلاثة هو ظاهر كلام المصنف: لأنه قال: «و يلزم من القول بانتقاله إلى الموقوف عليهم افتكاكه». و مفهومه أنّا إذا لم نقل بذلك- سواء قلنا بانتقاله إلى اللّه تعالى أم بقائه على ملك الواقف- لا يفكّ. و بهذا المفهوم صرّح الشهيد- (رحمه اللّه)- في الدروس فقال: «إنّ الوجهين مبنيّان على المالك، فإن قلنا هو اللّه تعالى أو الواقف فلا سراية، و إن جعلناه الموقوف عليه فالأقرب عدم السراية» [1]. و في شرح الإرشاد جعل الاحتمال قائما عليهما فقال: «إنّ احتمال تقويمه يضعف على تقدير القول بانتقال الموقوف إلى اللّه تعالى، و يقوى على تقدير القول بانتقاله إلى الموقوف عليهم». [2] هذا لفظه، و لم يذكر حكمه على القول بعدم انتقاله عن ملك الواقف.
و الحق: أنّ الاحتمال قائم على الجميع، لأنّ عموم خبر السراية شامل للجميع، و المنع مباشرة لعارض موجود كذلك، و قد قرّرناه سابقا [3]. و الفرق بين ملك الواقف و الموقوف عليه ضعيف جدّا، فانّ كلا منهما ممنوع من التصرّف إمّا لحقّ الموقوف عليه مطلقا أو لباقي البطون، أو لعموم اقتضاء الوقف تحبيس الأصل عن مثل هذا التصرّف. و أمّا القول بانتقاله إلى اللّه تعالى فقد عرفت أنّ المراد منه قطع سلطنة المالكين من الواقف و الموقوف عليه، و ذلك أيضا لا ينافي إمكان عتقه حيث يدلّ عليه دليل، و ليس هو في معنى التحرير مطلقا. و لهذا جاز بيعه في بعض الموارد، بخلاف التحرير، و إن كان الحكم على تقدير انتقاله إلى الموقوف عليه أوضح.
و اعلم أنّه على القول بالسراية و دفع القيمة يكون بمنزلة إتلاف الوقف على وجه مضمون. و في شراء حصّة من عبد بها يكون وقفا أو اختصاص البطن الموجود