اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 4 صفحة : 130
..........
المحض، و بثبوت تلف ماله يحصل الغرض من فقره. و إن شهدت بإعساره مطلقا، أي من غير تعرّض لتلف أمواله، فلا بدّ في ذلك من كون الشاهدين لهما صحبة مؤكّدة مع الشهود له، و معاشرة كثيرة بحيث يطلعان بها على باطن أمره غالبا، فإنّ الأموال قد تخفى، و لا يعرف تفصيلها إلّا بأمثال ذلك.
و إنّما اعتبر هنا ذلك دون ما لو شهدا بتلف ماله، لأنّ مرجع هذه الشهادة إلى الشهادة على النّفي، فإنّ معنى إعساره أنّه لا مال له، و من حقّ الشهادة على النفي أن لا تقبل، حتى ذهب بعض العامّة [1] إلى عدم قبولها هنا لذلك. و إنّما قبلت عندنا و عند أكثر من خالفنا بضبطها على وجه يلحقها بالإثبات، بأن يكون من أهل الخبرة بحاله، لكثرة خلطته و طول مجاورته حتى اطلعت على باطن أمره، و شهدت مع ذلك بإثبات يتضمّن النفي، لا على النفي الصرف، بأن تقول: إنّه معسر لا يملك إلّا قوت يومه و ثياب بدنه، و نحو ذلك.
فإذا لم تكن مطّلعة على الوجه المذكور جاز أن تستند في إعساره إلى ظاهر حاله. و مع ذلك فللغرماء إحلافه، كما ذكره المصنّف و الجماعة، لأنّ الاحتمال لا يزول معها رأسا، و لا صراحة فيها بتلف الأموال، فيجبر باليمين. بخلاف بينة الإثبات، فإنّه لا يكلّف باليمين، كما قطع به المصنّف، و تبعه عليه العلّامة في غير التذكرة [2]، أمّا فيها [3] فعكس الحكم، و أثبت عليه اليمين في بيّنة التلف دون بيّنة الإعسار، محتجّا بأنّ البيّنة إذا شهدت بالتلف كان كمن ثبت له أصل مال و اعترف الغريم بتلفه و ادّعى مالا غيره، فإنّه يلزمه اليمين. و أفتى في موضع آخر [4] منها بأنّه لا يمين في الموضعين، محتجّا بأن فيه تكذيبا للشهود، و لقوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) «البيّنة