اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 3 صفحة : 11
و قد تجب المحاربة على وجه الدفع، كأن يكون بين أهل الحرب، و يغشاهم عدوّ يخشى منه (1) على نفسه، فيساعدهم دفعا عن نفسه، و لا يكون جهادا.
الظاهر. و فيه أيضا عطف الاسميّة على الفعليّة و ليس بالغا حدّ المنع، مع أنّ قوله:
«أن يعينه الإمام» في قوّة الاسم، لتأويلهما بالمصدر و هو التعيين.
و في العبارة أيضا- على التقدير الأوّل- أنّ التعيين لقصور القائمين تعيين لاقتضاء المصلحة، فذكره بعده في قوّة التكرار. و يندفع على تقدير تعيّنه بأن عطف بعض أفراد العام عليه لمزيّة خاصّة به حسن واقع في الفصيح. و هو هنا كذلك، فانّ قصور القائمين أبلغ أفراد المصلحة و أهمّها، فيحسن ذكره. و هذا يندفع أيضا بعطفه على الأوّل. و أمّا عطف قوله: «أو يعيّنه بنذر و شبهه» على تعيّنه أوّلا [أولى و أوفق] [1] فلا إشكال فيه.
قوله: «و يغشاهم عدوّ يخشى منه. إلخ».
(1) أي يجب عليه قصد المدافعة، فلا يكفي قتالهم بدونه، و إن لم يقصد الجهاد، لأنّ الفعل الواحد الواقع على وجوه مختلفة بعضها سائغ و بعضها محرّم إنّما يتميّز بالنيّة، كمسح رأس اليتيم، فلو ترك القصد كان مأثوما، ضامنا لما يحترم من النفوس و الأموال.
و هل يشترط في العدوّ الهاجم كونه كافرا، أم يجوز دفعه و إن كان مسلما؟ قيل:
بالأوّل، و به صرّح الشيخ في النهاية [2]، لتحريم قتل المسلم. و ظاهر الأكثر عدم الاشتراط، لأنّه مدافعة عن نفسه، و المسلم يجوز دفعه كذلك.
و أشار المصنف بقوله: «و لا يكون جهادا» إلى أنّ حكم الشّهيد من عدم تغسيله و تكفينه لا يلحق المقتول هنا، و كذا حكم الجهاد من تحريم الفرار و قسمة
[1] هذا ساقط في «م» و «ك» و مشطوب عليه في «ه». و لعلّه أولى.