اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 12 صفحة : 164
لكن إذا اجتمع السبب و المباشر، (1) قدّم المباشر في الضمان على ذي السبب، كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا، فدفع غيره فيها إنسانا، فضمان ما يجنيه الدفع على الدافع.
و اعلم أيضا أن تمثيله السبب بحفر البئر في غير الملك تخصيص للسبب الموجب للضمان، فإن حفره و إن كان في ملك الحافر يكون سببا في الهلاك لكنّه غير مضمون، فالسبب المعرّف سبب خاصّ و هو الموجب للضمان، و إن كان التعريف صادقا على ما هو أعمّ.
قوله: «لكن إذا اجتمع السبب و المباشر. إلخ».
(1) قد تقرّر أن كلّ واحد من المباشرة و السبب موجب للضمان برأسه من غير اعتبار الآخر. فإن انفرد الموجب فاستناد الضمان إليه واضح. و إن تعدّد، فقد يكون من جنس واحد، و قد يكون من جنسين.
فالأول: بأن يجتمع سببان فصاعدا، بأن يحفر واحد بئرا في محلّ عدوانا، و يضع آخر حجرا عنده فيعثر به إنسان فيقع في البئر. فإن اتّفقا في وقت واحد اشتركا في الضمان، لعدم الترجيح. و إن تعاقبا فالضمان على المتقدّم في التأثير، لاشتغاله بالضمان أولا فكان أولى، و هو سبب السبب فيجب وجود المسبّب عنده.
و الثاني: بأن يجتمع المباشر و السبب فيقدّم المباشر، لأنه أقوى، و لأن التلف يستند إليه حقيقة كما بيّنّاه، بخلاف السبب.