اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 12 صفحة : 163
..........
جماعة [1]. و بقيت أسباب أخر أشار إليها المصنف في آخر [2] البحث، و لم يحصل الحصر بذلك أيضا، لتخلّف أسباب أخر.
و اعلم أن ماله مدخل في هلاك الشيء إما أن يكون بحيث يضاف الهلاك إليه في العادة إضافة حقيقيّة، أو لا يكون كذلك. و ما لا يكون كذلك إما أن يكون من شأنه أن يقصد به ما يضاف إليه الهلاك، أو لا يكون كذلك. فالذي يضاف إليه الهلاك يسمّى علّة، و الإتيان به مباشرة، و ما لا يضاف إليه الهلاك و لكن يكون من شأنه أن يقصد بتحصيله ما يضاف إليه يسمّى سببا، و الإتيان به تسبيبا.
و المصنف- رحمه اللّٰه- فسّر السبب هنا بأنه كلّ فعل يحصل التلف بسببه.
و هذا التعريف لا يخلو من دور، لأخذه السبب في تعريفه، و كأنّه أراد بقوله:
«بسببه» أي: بواسطته أو معه أو عنده، كما عبّر عنه غيره [3]. و مع ذلك يشمل المباشرة، لأن التلف يحصل بواسطتها أو عندها.
و عرّفها بعضهم [4] بأنها إيجاد علّة التلف. و أراد ب«علّة التلف» أنه يضاف إليه التلف في العرف إضافة حقيقيّة. و إنما قيّد بالحقيقيّة لأن الهلاك قد يضاف إلى السبب، فيقال: هلك مال فلان بسعاية فلان، لكنّه مجاز بدليل صحّة السلب.
و قد عرّف المصنف السبب في الديات بتعريف أجود ممّا هنا فقال إنه: «ما لولاه لما حصل التلف، لكن علّة التلف غيره، كحفر البئر. فإن التلف عنده