اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 11 صفحة : 281
..........
آيَتُكَ أَلّٰا تُكَلِّمَ النّٰاسَ ثَلٰاثَةَ أَيّٰامٍ إِلّٰا رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكٰارِ[1] فأمره بالتسبيح و ذكر ربّه مع قطع الكلام عنه، فكان الظاهر من الآية أن المأمور به ترك كلام الناس لا مطلق الكلام كذكر اللّه، و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «أفضل الكلام أربع: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلّا اللّه، و اللّه أكبر» [2] و «لا إله إلّا اللّه كلمة ثقيلة في الميزان خفيفة على اللسان» [1].
و هذا أقوى.
الثانية: لا يحنث في الكلام بالكتابة و الإشارة، لأنهما لا يسمّيان كلاما لغة و لا عرفا، بل يصحّ أن يقال: ما كلّمه و إنما كاتبه و أشار إليه. و مثله القول في المراسلة. و لقوله تعالى إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا[4].
فَأَشٰارَتْ إِلَيْهِ[5] و لو كانت الإشارة كلاما لامتنعت منها.
و ذهب جماعة من العامّة [6] إلى الحنث بذلك، لقوله تعالى وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلّٰا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا[7]. استثنى الرسالة من التكليم فيدخل الآخران بطريق أولى، و لاستثنائه في الآية [8] السابقة الرمز من الكلام و هو حقيقة في المتّصل.
[1] لم نجده بهذا اللفظ في الجوامع الحديثيّة، و أخرجه بلفظ آخر في مسند أحمد 2: 232، سنن ابن ماجه 2: 1251 ح 3806، سنن الترمذي 5: 478 ح 3467.