وحاصله : انه
انما يجب عليهما معا الدفع ، أو بعد أخذ العوض ، ويجوز لكل المنع حتى يقبض.
وكأنهم نظروا
الى ان البيع معاوضة محضة ، ولا يجب على كل منهما الدفع الا لعوض مال الآخر ، فما
لم يأخذ ذا العوض ، لا يجب إعطاء العوض.
والمسألة مشكلة
كسائرها ، لعدم النص. وثبوت الانتقال بالعقد ، يقتضي وجوب الدفع على كل واحد منهما
عند طلب الآخر وعدم جواز الحبس حتى يقتص (يقبض خ) حقه ، وجواز الأخذ لكلّ حقه من
غير اذن الآخر ان أمكن له على اي وجه كان ، لان ذلك هو مقتضى الملك. ومنع أحدهما
حق الآخر وظلمه ، لا يستلزم جواز الظلم للآخر ، ومنعه من حقه. فيجبرهما الحاكم معا
على ذلك ان امتنعا ، فيعطى من يد ويأخذ من آخر ، أو يقبض لأحدهما ويأمره بالإعطاء.
هذا كله مع
اقتضاء العقد التعجيل والحلول ، سواء شرط أو أطلق ، فإنه المقتضي لما عرفت ، فلو
كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا ، اختص بالوجوب صاحب الحال ، وللآخر الصبر الى
الحلول ، فيجب عليه أيضا حينئذ كالحال.
ولكن نقل عن
الشيخ في التذكرة : جبر البائع أولا ، وقال : هذا رابع وجوه الشافعي.
كأن وجهه : ان
العرف يقتضي ان البائع أحوج إلى المعاملة ، فهو أحق بالدفع أولا ، وانه المتداول
بين التجار فإنه ما لم يسلم المبيع لم يطلب الثمن ، بل يعاب على ذلك. ولما كان
أكثر الأمور مبنيا على عرف الناس والعادة فليس ذلك ببعيد (يبعد) كثيرا.
وحينئذ لا يجب
الإعطاء والدفع أولا إلا عليه ، لا على المشتري.
الا انه ذكر في
التذكرة في هذا المقام أكثر من مرتين : ان للبائع حق الحبس مع تعجيل الثمن ، وليس
له ذلك في المؤجل ، ولا في المعجل بعد نقد الثمن.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 8 صفحة : 504