ومن عدم
استحقاقه ، وانتفاء شرطه المستلزم لانتفاء المشروط. واقتضاء المصلحة له ـ بحيث
يكون ضروريا وواجبا ، وتركه محذور لا يندفع إلّا به ـ ممنوع.
وكأنّه على ذلك
حمل المصنف المصلحة ، حيث جزم بعدم الجواز ، وإلا مع فرض المصلحة بحيث لا يندفع
المفسدة إلّا به ، فالظاهر الجواز من غير نزاع كسائر الضروريات ، ولكن لا يجوز
التحاكم إليه وإنفاذ امره الّا بالضرورة وبقدرها ، وهو ظاهر ، وفعله صلوات الله
عليه بحيث يكون مفوّضا ومستقلا ، غير ظاهر.
بل الظاهر ان
المصلحة اقتضت نصبه قاضيا ظاهرا ، وكان هو الحاكم ، وما كان يحكمه راضيا ، كما روى
هشام بن سالم (في الحسن) عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لما ولّى أمير
المؤمنين عليه السّلام شريحا القضاء اشترط عليه ان لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه [١].
فيفهم منها عدم
الرضا بقضائه ، وأنّه كان عدم عزله وإبقائه على حاله ضرورة وتقية ، وعدم قدرته على
ذلك لمفاسد أعظم ، حيث كان أولا منصوبا من قبل عثمان ، وقد تقرّر عند الناس كونه
قاضيا بالحق.
ويؤيّده قوله
عليه السّلام له (لقد جلست مجلسا لا يجلس فيه إلّا نبي أو وصي نبي أو شقي) [٢].
وبالجملة :
التفويض إليه بالكلية غير معلوم. وكذا تركه للضرورة والتقية ، إذ المفسدة في عزله
ليست بأعظم من المفاسد التي كانت في عزل معاوية ، لما يترتب عليه من القتل والقتال
والمفاسد الكثيرة ، فما رضي بنصبه لعلمه بأنّ المفسدة في
[١] الوسائل باب ٣ من
أبواب صفات القاضي حديث ١ ج ١٨ ص ٦.
[٢] الوسائل باب ٣
قطعة من حديث ٣ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ ص ٧.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 23