والظاهر أنّه
لا كلام في رجحان القبول ، مع عدم المانع ، من عدم استيثاق من نفسه ، وعدم
الاعتداد بحفظه كما هو.
قال في التذكرة
: ولو كان قادرا على الحفظ واثقا بأمانة نفسه استحب له القبول ، لما فيه من
المعونة على البرّ وقضاء حوائج الاخوان ، ولو لم يكن هناك غيره ، فالأقوى أنّه يجب
عليه القبول ، لأنّه من المصالح العامّة وبالجملة فالقبول واجب على الكفاية [١].
وفي كون القبول
مطلقا معاونة على البرّ تأمّل ، ثمّ في الوجوب ، فإنّه تكليف لا يخلو عن صعوبة
واشكال ، كما سيجيء ، فإيجابه بمثل الدليل المذكور محل تأمّل.
وأيضا إيجاب
حفظ مال شخص على آخر بلا أجرة وعوض يحتاج الى دليل قوى ، وكونه من المصالح العامّة
بحيث يجب على الناس كلّهم ذلك ، غير ظاهر.
نعم قد يضطرّ
الإنسان إلى الإيداع فيمكن إيجاب مثله حينئذ بأجرة ليتمّ به المعاش ، كما في سائر
الأمور التي عدّت من الوجوب الكفائي ، ويشعر به كلام التذكرة ، قال مستدلا على
جوازها : ولأنّ الحكمة تقتضي تسويغها ، فإنّ الحاجة قد تدعو إليها ، لاحتياج الناس
الى حفظ أموالهم ، وربما تعذر ذلك عليهم بأنفسهم إمّا لخوف أو سفر أو عدم حرز ،
فلو لم يشرع الاستيداع لزم الحرج المنفي بقوله تعالى (وَما جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[٢].
وهو الذي أشار
إليه أوّلا أيضا بقوله : لأنّه من المصالح العامّة ، ولكن في إفادته الوجوب بلا
عوض دائما ، تأمّل فتأمّل.