اسم الکتاب : كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام المؤلف : الفاضل الهندي الجزء : 10 صفحة : 418
و قال ابن إدريس: ضرب أعلى الحدود إلى أن ينهى هو عن نفسه من دونها و بعد تجاوز الحدّ الّذي هو الثمانون، فإن نهى عن نفسه قبل بلوغ الثمانين سوطاً الّذي هو حدّ شارب الخمر فلا يقبل منه، و ضرب إلى أن يبلغه. قال: و هذا تحرير هذه الفتيا، و قد روي أنّه يضرب حتّى ينهى هو عن نفسه [1] انتهى.
و قال المحقّق في الشرائع: ربّما كان صواباً في طرف الزيادة و ليس بصوابٍ في طرف النقصان، لجواز أن يريد بالحدّ التعزير [2].
و في النكت: و لا أستبعد إذا وصل به إلى مائة جلدة أن يقطع عنه الجلد، و إن لم يمنع عن نفسه، لأنّه لا حدّ وراء المائة. و إذا نهى عن نفسه قُبِل و إن كان دون الحدّ، لاحتمال أن يكون ذلك توهّمه و أنّه يسمّى حدّاً، فيسقط ما زاد للاحتمال، إذ لا يثبت بالإقرار إلّا ما يتحقّق أنّه مراد من اللفظ [3].
و في المختلف: إنّ حدّ القوّاد أقلّ من ثمانين فكيف يتعيّن الثمانون، و إنّ التعزير قد يسمّى حدّاً مجازاً، و الأصل براءة الذمّة، فجاز إرادته [4].
و ما اعترض به عليه: من أنّ اللفظ لا يحمل على المجاز بلا قرينة، ظاهر الاندفاع، لما أشرنا إليه من أنّ النهي قرينة واضحة عليه. و كذا ما قيل: من أنّ أمر التعزير منوط برأي الحاكم و لا رأي له ما لم يعرف عين المعصية، فإنّه إنّما يناط برأيه إذا عرف عينها، و ما المانع فيما إذا أقرّ هذا الإقرار المبهم من أن يكون منوطاً برأي المقرّ.
نعم يمكن أن يقال: لمّا كان ابن قيس مشتركاً و لم ينقل اتّفاق الأصحاب على العمل بخبره هذا و كان الأصل البراءة لم يحدّ هذا المقرّ و لم يسمع منه إقراره حتّى يبيّن. و يؤيّده ما روي عن أنس بن مالك أنّه قال: كنت عند رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فجاء رجل فقال: يا رسول اللّٰه إنّي أصبت حدّاً فأقمه عليَّ و لم يسمّه، قال: و حضرت الصلاة فصلّى مع النبيّ صلى الله عليه و آله فلمّا قضى الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول اللّٰه